كتاب الجزيرة 25

تيسير البريد

نعم هي مناضلة، ولا أزكي هنا شيماء عن غيرها من الزميلات والزملاء، لكنها مثال واحد من أمثلة الإقدام والشجاعة الصحفية الذين تفخر بهم الجزيرة، فكلهم ينهلون من مدرسة صحفية واحدة منهاجها الشغف والمهنية. في تغطية غزة أمثلة لا تتسع لها السطور، وفي اليمن وليبيا وسوريا وتونس وغيرها حديث يطول، لن تكون هناك دافعية لكل هذا إلا الإيمان برسالة وشعور بمسؤولية تجاه من ينتظرونك، يتعلقون بك، ويعلقون عليك الآمال، ويتوقعون منك الأفضل والأسرع ويعتبرونك المستأمن على ما تنقله لهم من أخبار الأرض أو حتى أخبار الفضاء والكواكب. ربما يكون هذا المشوار مع هذه النخبة الإعلامية ذات العزيمة العالية هو ما جعلني أفهم اليوم بشكل أدق ما الذي كان يسعد ذلك الرجل الطيب رغم تعبه وعرقه، تيسير البريد.

لم تتوان الصحفية المهنية عن خوض غمار السفر في زمن كان يعز فيه السفر، وتحيط بالمسافر فيه نوائب كثيرة. بالتأكيد شددنا على ضرورة أخذ كل الاحتياطات الوقائية اللازمة، إلا أننا لم ننقل لزميلتنا كل ما كان يخالجنا من خوف عليها وعلى الطاقم، لأنها كانت متقدمة علينا في الجرأة والمسؤولية. ظهرت شيماء -وشيمتها الإصرار على تقديم الحقيقة- من ووهان، فحولت الاسم المجرد إلى صورة، وتداولت منصات التواصل صورها كأسطورة خاصة وهي مدججة بزي (الفضاء)، لا يظهر منها إلا عينان ترويان الحقيقة وصوت هادئ واثق. تتالت علينا الاتصالات والرسائل والتعليقات، بعضها حريص عليها وآخر معجب بأدائها وآخر يشيد بما اعتاد عليه من سبق للجزيرة. عندما التقيت شيماء بعد مهمتها في ووهان، سواء في لقائنا الافتراضي خلال الحجر عند العودة أو أثناء زيارتها إلى الدوحة، لم أجد فيها إلا الصحفية المتحمسة المفعمة بالدافعية لتحقيق كل ما يمكن أن ينقل الخبر من رأس نبعه. أحد الزملاء وصف شيماء خلال ذلك الاجتماع الافتراضي بأنها مناضلة.

59

58

Made with FlippingBook Online newsletter