كتاب الجزيرة 25

خمس وعشرون.. إلا قليلا!

(تغير الأمر لاحقاً وتطور وصرنا نحصل على الصور مباشرة). .. أكملتِ النص. -هيا (نمنتج).. راقبي جيدا ما سأفعل قرأت.. استوقفني مرات.. قال يبدو عليك التوتر، تخففي منه.. وبدأنا المونتاج والزميل (المونتير) يساعدنا انتهينا قبل النشرة بدقائق. قلت له هذا تقريرك اسمي عليه لا أمانة فيه. أجاب: بل هو نصك وصوتك، وسيكون لهما شأن. هذا إنسان ليس كالناس.. غمامة من بشر اسمها حامد.. هل ثمّ معنى أكبر لكلمة (مدرسة)؟! . توالت التقارير وكان لبعضها وقع لا ينسى..

خمس وعشرون.. إلا قليلا! صحفية رئيسية في قناة الجزيرة الإخبارية | فاطمة التريكي

ذلك اليوم القائظ من حزيران.. ذهبت إلى البيت وقلت لأمي: إنهم قوم يحترمون العقل.. لقد احترموا عقلي وكفاءتي. قدمت للعمل وصورة مياه الخليج المائلة للخضرة تلوح من نافذة الطائرة تتراءى لي كأنه عصر أمس.. أنا القادمة من الإذاعات والصحف ما كان لي تجربة في التلفزيون، اجد نفسي في أهم وأشهر قناة تلفزيونية! وكان ما لن أنساه، تقرير طُلب مني في دوام ليلي ليكون طليعة نشرة الصباح.. عن أحداث طرأت في فنزويلا كما أذكر قبل ساعة تقريباً، طلبه منتج النشرة. جلست كأنني في امتحان حتى أحسست ظله فوق رأسي. الصحفي السوداني الكبير الراحل حامد عبد الرؤوف.. كان معنا في الدوام: -كتبتِ أم ليس بعد؟ -ها أنا أكتب.. -ما بك كأنك في مأتم؟ المشاكل في أمريكا لا في باحتنا الخارجية.. -لا أعرف إن كنت (سألحق) الوقت.. - اذهبي وأتي بقهوة.. ولا تخافي.. وأصر على دفع ثمن القهوة.. وحين عدت وجدته يحمل كومة شرائط كانت تسجل عليها الصور

عشرون، رقم كبير في عداد العمر. رقم يحيل ربما إلى كم بقي لا كم فات.. لكنه ليس كذلك فيما سأرويه.. عشرون مضت، ولم يبق إلا قليل من خمس وعشرين هي عمر حلم.. حلم اسمه الجزيرة. قيل لي إننا نوثق مسيرة القناة في يوبيلها الفضي ونريد تسطير تجارب ناسها ممن راح وجاء ومكث.. غايتنا إظهار الوجه الإنساني خلف ما يراه المشاهدون.. وها أنا أكتب جملي تفصلها النقاط، تماما كما أفعل حين أكتب تقاريري فوق بياض الصفحات.. كلمات وصوت هو ما يعرفه المشاهدون عني. هذه النقاط الملازمة بلا معنى هي جزء مني لا يرونه. عن الجزيرة والإنسان سأتحدث، وليس أقرب مني لأروي عنه.. للبدايات الجميلة غالباً الباذخة الجمال كلما مر الوقت. والبدايات في الجزيرة هي: صحفية لبنانية تكاد تنفض يدها من فعلة اسمها الصحافة، بعدما تقاذفتها صحافة لا تشبهها.. وولت هاربة من الدكاكين الطائفية والحزبية. إعلان في صحيفة وسيرة ذاتية من بين آلاف كانت البداية.. اتصلوا وسمعت العبارة من الأقربين شهود تجربتي: الواسطة. هل تعتقدين أنها لن تفعل فعلها؟ خضعت للاختبار وقُبلت على الفور.. لم أصدق ما جرى بسرعة في

75

74

Made with FlippingBook Online newsletter