العدد 22– مايو - ايار 2024

| 188

والنمو االقتصادي في أوروبا، وذلك حتى وإن ظل طريقه وهو يبحث عن أســباب هذا اإلقالع االقتصادي في فروق الهوتية دقيقة. إن العامل األساســي هو أكثر بســاطة: تعمل البروتستانتية على تعليم أتباعها القراءة والكتابة، ألنه يتوجب على المؤمنين أن يصلوا مباشــرة إلى الكتب المقدســة. ومن شأن السكان المتعلمين أن يمتلكوا القدرة على التطور التكنولوجي واالقتصادي. لقد صاغت الديانة البروتســتانتية، وبالصدفة، قوة عمل فعالة بشكل كبير. وبهذا المعنى، كانــت ألمانيــا في قلب التنميــة الغربية، وذلك على الرغم مــن أن الثورة الصناعية الكبرى كانت في بريطانيا، وعلى الرغم من أن اإلقالع النهائي األكثر إثارة سيحدث في الواليات المتحدة األميركية. وإذا أضفنا (إلى هذه الصورة) الدول اإلســكندنافية البروتســتانتية، والتي تم محو أميتها في وقت مبكر، ســنحصل على خريطة العالم .) 6 ( " األكثر تقدًمًا عشية الحرب العالمية األولى ويرى تود أن البروتســتانتية ســتمتلك وجهين متناقضين في التاريخ الغربي، فهي من جهة ستسهم في اإلقالع التربوي واالقتصادي وتسهم بشكل فعال في ظهور الدولة القومية، وهي تدعم تشــ ُّكَُل وعي جمعي، وقد أســهم مارتن لوثر، وهو يدعو إلى ترجمــة العهد القديــم إلى اللغة األلمانية الحديثة، في بنــاء األمة األلمانية وثقافتها ). ولكن الوجه القبيح للبروتســتانتية ســيتمثل في تأكيدها لعدم المســاواة 7 الوطنية( بين البشر والتي قد تصل الى حِّد الدفاع عن موقف عنصري كما كانت الحال عليه في السياق النازي تجاه اليهود أو األميركي تجاه السود. ويؤكد التطور الالحق للبروتســتانتية، انقســامها بين نموذج ســلطوي، يطبعه، على المستوى األنثروبولوجي، نظام األسرة الممتدة، وهو الذي مثلته ألمانيا، وآخر ليبرالي وفردانــي، هو الــذي نلتقيه في النموذج البريطاني. ولهذا فإن تود يرى أن التفســير الواسع للغرب، والذي يضم في ثناياه أي ًضًا النموذج األلماني، ال يصطدم بالضرورة بروسيا، بل يمكن الحديث عن نوع من القرابة األنثروبولوجية بينهما، خصو ًصًا فيما يتعلق بنموذج األسرة أو التأسيس لنماذج توتاليتارية. بل حتى ادعاء أن الغرب يمثل اليــوم الديمقراطية الليبرالية على النقيض من النموذج الســلطوي الروســي، تكذبه التطــورات التــي عرفتها العقود األخيرة. إن الديمقراطية الليبرالية تعيش أزمة كبرى، ). إن تود يصل هنا إلى Postdemocracy بــل يجري الحديث عما بعد الديمقراطية (

Made with FlippingBook Online newsletter