العدد 22– مايو - ايار 2024

19 |

فمع هذا التأزم المالي المتصاعد، سيضطر النظام لمزيد من االعتماد على استخالص المــوارد الماليــة من المجتمع، ســواًء من خالل جباية الضرائــب أو االقتراض من ا مزيًدًا من الشفافية والرقابة ا أو آجاًل األموال الخاصة عبر البنوك؛ ما سيتطلب عاجاًل مـ ًا؛ بما يعنيه كل ذلك من � قـ ًا للعالقات القانونية والتعاقدية عمو � والمســاءلة، وتعمي ضــرورة قبول المزيد من المؤسســية والحوكمة والتمثيل السياســي، والتي تتناقض كلها مع بنية ومنطق عمل واســتمرار النظام المحاســيبي المقيد؛ ليصطدم االستبداد المــأزوم مالًّيّا بمعادلته الصعبة: كيف يزيد موارده المالية (الضريبية باألســاس) مع كبح التمثيل السياسي؟! ما يفرض هذا التحدي هو محورية الضرائب على الدخل في األنظمة الضريبية والمالية العامة الحديثة، كأهم وأكبر مصاردها األكثر استدامًة وكفاءة وعدالة، لكنها في ذات الوقــت أكثر الضرائب إثــارًة للمقاومة والرفض، وأكثرها إثارًة للمطالب السياســية ا ؛ نظًرًا لمحدودية شفافية والديمقراطية، خصو ًصًا مع كونها أصعب الضرائب تحصياًل الدخــول بالمقارنة بالنوعين اآلخرين من أوعيــة الضرائب، أوعية الملكية (ضرائب العقــارات) وأوعيــة اإلنفاق (ضرائب المبيعات والقيمــة المضافة)؛ ما يجعلها أكثر .) 16 الضرائب تطلًبًا لحٍّد أدنى من القبول والتوافق بين المجتمع والدولة( وبشــكل عام، ال تلقى محاولة الدولة توسيع قاعدتها الضريبية، دون توسيع مشاركة المواطنين في صنع القرارات، ودون استخدام النظام الضريبي لتقليص عدم المساواة ا من المواطنين، بل ُيُنظر لها باعتبارها انتهاًكًا غير مشروع؛ االجتماعية والسياسية، قبواًل .) 17 يرفع احتماالت التمرد واالضطراب السياسي( وقد رصد ســليمان اعتماد نظام الرئيس األســبق، حســني مبارك، على العديد من )، قبــل اللجوء إلصالح نظام الضرائب 18 اآلليــات لمواجهة ذلك التحدي المالي( على الدخل، أبرزها ضريبة التضخم، واالســتدانة الخارجية ثم الداخلية، والضرائب علــى المبيعــات، كذا اآلليات العديدة التي تفاوتــت نجا ًحًا وتعثًرًا، كمحاولة فرض ضرائب على العاملين بالخارج أو فرض التوريد اإلجباري للعملة الصعبة، واللجوء للتبرعات والدور االجتماعي لرجال األعمال، ومحاولة تنظيم القطاع غير الرسمي. وكمــا نــرى، فمن بين هذه اآلليات التي غلب عليهــا التعثر، تكررت دعاوى حديثة ا، كتبرعات صندوق تحيا بممارسات مشابهة لها في عهد السيسي، وُنُِّفِذ بعضها فعاًل

Made with FlippingBook Online newsletter