العدد 22– مايو - ايار 2024

| 20

مصــر، وقوانين الشــمول المالي، وكل المبادرات المتعلقــة بالعاملين بالخارج، بل وتعامل بعض الهيئات االقتصادية المحلية بالعملة الصعبة (الدوالر تحديًدًا) في بيع منتجاتها، وال ننسى الزيادات الكبيرة في الرسوم على الخدمات الحكومية المختلفة، بل واستحداث الكثير منها. مع ذلك، فمع حدة التأزم المالي، لجأ النظام السياســي بقدر من النجاح لمضاعفة اإليــرادات الضريبية -وإن كانت غير المباشــرة باألســاس- بالتوازي مع قمع حاد يونيو/حزيران، والشعبية الكبيرة 30 ا الوضع السياسي بعد للتمثيل السياســي؛ مستغا ًّل للســلطة الجديدة وقتها، وتحت غطاء االضطــرارات الم َّدَعاة لبرامج صندوق النقد الدولــي؛ فكان القمع المفرط هو الحل قصير األجل للمعادلة الصعبة، التي ازدادت صعوبًة مع متطلباته المحاسيبية المتزايدة. كان النظام الحاكم قد واجه بعد فترة االضطراب الناتجة عن ثورة يناير/كانون الثاني سـَة إلعادة ترسيخ أقدامه بإعادة بناء وهيكلة شبكاته المحاسيبية، � وتوابعها، حاجة ما خصو ًصًا مع عودة المكون العســكري لواجهة المشــهد السياســي بشــكل مباشــر فـ ًا للموقف مختلط الروافد أواخر عهــد مبارك؛ ما انعكس في زيادة � وصريــح، خال حصة المؤسسات البيروقراطية في النشاط االقتصادي، بأشكال تراوحت ما بين العلنية والسرية الصريحة، والرمادية الملتوية ما بين هذه وتلك. وهكذا دخل النظام السياسي في حلقة خبيثة، يتطلب فيها نجاح القمع تعزيًزًا للدوائر المحاســيبية، بينما يؤدي تعزيز الدوائر المحاســيبية، بكافة تكاليفها المباشــرة (من خلق وتوزيع متزايد للريوع) وغير المباشرة (من انتهاك للمجال االقتصادي وتراجع للكفاءة العامة ومنظومة الحوافز)، إلى مزيد من تدهور الموقف االقتصادي والمالي والمؤسسي؛ الذي يستلزم بدوره مزيًدًا من القمع لحفظ االستقرار السياسي، ومزيًدًا من الجباية لمواجهة التأزم المالي؛ ما يؤدي بمجموعه لمزيد من تدهور المشروعية السياسية والفاعلية التنموية للنظام، وتفاقًمًا لعزلته االجتماعية التي تدفع بدورها لمزيد ) ليعيد الدورة كلها، 19 من القمع، الذي يؤثر بحد ذاته سلًبًا على االقتصاد والموارد( وهكذا دواليك. دفع المجتمع ثمن ذلك النموذج السياسي مرتين، مرة بالتكلفة المباشرة لتعزيز القمع، ممثلًة في إعادة بناء المحاسيبية وتوسع الفساد وتضخم الجيوب الريعية، ومرة أخرى بالتكلفة غير المباشــرة الناتجة عن االنعكاسات السلبية للقمع والمحاسيبية والفساد

Made with FlippingBook Online newsletter