العدد 22– مايو - ايار 2024

| 24

من جهة أخرى، فاالســتدانة والتضخم مرتبطان، فاالســتدانة الداخلية عادًة ما تسدد ا مكلًفًا بما يـ ّا على األقل- بطباعة نقد جديد، كما تمثــل بذاتها تموياًل � قـ ًا -جزئ � الح تتضمنــه من خدمة للديون، فيما االســتدانة الخارجيــة يجري تعقيم واردها من نقد أجنبي يدخل الجهاز المصري بطباعة نقد وطني مقابله للتداول في االقتصاد المحلي؛ ما يســهم بمجموعه، حــال لم توظف الموارد في اســتخدامات إنتاجية -فورية إن أمكن- تزيد المعروض المحلي من الســلع والخدمات، في خلق مزيد من التضخم في االقتصاد. وعلــى هذا الصعيــد، فقد أفرطت الحكومة المصرية باالســتدانة، داخلًّيًا وخارجًّيًا، طــوال عــدة عقود الماضية، مع تراوح في درجة االعتمــاد بينهما. من جانبه، أدرك نظام مبارك مخاطر اإلفراط باالستدانة الخارجية بتجربته طوال الثمانينات التي كادت مصــر تفلس بنهايتهــا، لوال اإلنقاذ بإلغاء نصف الديون وجدولة نصفها اآلخر كثمن ، واستدار لالعتماد على االستدانة الداخلية 1990 لمشاركتها في حرب الخليج الثانية باألساس طوال العقدين الباقيين من عهده. ومن ناحيته، نسخ نظام السيسي في عقده المنصرم عقد الثمانينات المباركي باإلفراط في االستدانة الخارجية، مستهلًكًا أغلب القروض في بنية تحتية ومشاريع قومية بعضها مشكوك في جدواه وبعضه بعيد العوائد بأفضل األحوال، أي لم ينعكس بشكل مباشر في نمو اإلنتاج أو االستثمار المحلي، مما سنتناوله في موضعه. لهــذا نمــا الدين العام المحلي دون توقف؛ مع تراكم العجز المالي المزمن، ومع ما يرتبه االنخفاض المســتمر للجنيه من تضخم لكافة عناصر اإلنفاق العام بالموازنة، وعلى رأســها خدمة الدين العام الخارجي (وبالتالي نموها باألرقام المطلقة حتى لو انخفض بعضها بالنســبة للناتج المحلي اإلجمالي) من جهة، ومن انخفاض للعبء الحقيقي لل َّدَْيْن المحلي على الحكومة (ومن ثم قدرتها على االســتمرار باالســتدانة دون تدهور كبير بالمؤشــرات المالية) من جهة أخرى. وهكذا يســتمر الدين العام المحلي بالنمو بالتغذية الذاتية للمديونية نفســها في ظل العجز المالي المزمن، وفي سياق عالقتها بما تنتجه من تضخم وضغط ائتماني يفرضان رفع أسعار الفائدة؛ فيزيد ، االتجاه العام 2020 ) التالي الذي ينتهي بعام 3 أعباء خدمة الدين، وُيُظهر الشــكل ( للَّدَْيْن العام المحلي طوال العقدين األخيرين.

Made with FlippingBook Online newsletter