العدد 22– مايو - ايار 2024

39 |

القفز الواعي من المركب االقتصادي، والمقاومة االجتماعية غير الواعية لسوء اإلدارة المالية والمصادرة النقدية للمدخرات. ما يفاقم خطورة هذا المأزق، الذي شــهدنا عينًة بســيطة منــه في مصر أوائل العام الحالي، حال تكراره، هو تضافره مع عدم قدرة الشــعب على التأثير في السياســات العامــة؛ وبالتالــي غياب أي آليات للتفاوض والحلول الوســط؛ بما يوفر أي أرضية الســتعادة الثقة بســرعة معقولة قبل انهيار الموقف، وتحوله لسباق هاوية بين النظام والشعب؛ وهو ما يعيدنا مرًة أخرى ألصل المشكلة، الطبيعة االستبدادية المحاسيبية للنظام السياســي، التي كانت سبًبًا محورًّيًا في تفاقم المأزق المالي واالقتصادي من البداية. فعلى ما ف َّصَلنا، ال يمكن اختزال االختالل الشــديد في األداء االقتصادي المصري، باندفاعه الشديد باتجاه االستدانة المفرطة داخلًّيّا وخارجًّيّا، والزيادة غير الرشيدة في المعروض النقدي، واالستثمار المندفع في البنية التحتية غير الضرورية والمشروعات غير المدروسة، بمجرد األهواء والنزعات الشخصية، أو ضعف المعرفة وسوء التقدير الشــخصي، لمجموعة الحكم ، بل إن كل ذلك مدفوع بطبيعة الميل االســتبدادي يناير/كانــون الثاني، وتفاقم 25 المحاســيبي للنظام السياســي، بعــد أزمته مع ثورة تناقضاته المركزية في مواجهة امتداداتها. ، لم يكن أمــام النظام لترميم " تناقــض التمثيل والمشــروعية " حيــث فــي مواجهة مشــروعيته في مواجهة شــعبه، دون تقديم تنازالت في شــكل ديمقراطية سياسية، ســوى اللجوء لشــرعية اإلنجاز، ومع اســتحالة تحقيق ذلك -وبسرعة كافية- عبر معالجة جذرية للمشكالت التنموية الحقيقية لمصر، خصو ًصًا في سياق تناقضها مع طبيعته المحاســيبية وعالقات التبعية للخارج؛ كانت إستراتيجية االستعراض التنموي نازَّيَة الجذور التاريخية، باالســتثمار في البنى التحتية والمشــروعات القومية، الحل األســهل واألســلم، كذا الموافق لطبيعة النظام ومصالح دوائره؛ كونه يصلح كذلك وســيلة وغطاًء إلعادة بناء وهيكلة شبكات المحاسيبية؛ بما يعيد ترسيخ أقدام النظام من جهة شبكات دعمه ومؤيديه. ، لم يكن أمــام النظام لمعالجة أزمته " تناقض التمويل والتمثيل " كــذا، في مواجهــة المالية المزمنة، والمتفاقمة تحت ضغط أعباء الحل المطروح للتناقض السابق (بشقيه

Made with FlippingBook Online newsletter