العدد 22– مايو - ايار 2024

| 40

من إنفاق عام غير كفء وتوزيع مكاسب محاسيبية فاسدة مًعًا)، دون تقديم تنازالت في شكل تمثيل شعبي (ال يتوافق مع طبيعته العامة وطبيعة الحل المذكور خصو ًصًا)، ســوى اللجوء الســتنفاد كامل إمكاناته الجبائية الملتوية، من زيادات للضرائب غير المباشــرة والرســوم الحكومية وتقليص ألغلب أشكال الدعم...إلخ، ومن استخدام مفرط ألداتي االستدانة الداخلية والخارجية من جهة، وضريبة التضخم بطباعة النقد من جهة أخرى. وقــد انعكس حــل التناقض األول في صورة معدالت نمــو صورية قصيرة األجل، سرعان ما كانت نتائج حل التناقض الثاني تلتهمها؛ لتعيد األمور إلى نصابها؛ بكشف وهمية النمو المدفوع بمديونية موظفة في مشــروعات محدودة الجدوى االقتصادية من جهة، وبسداد المديونية أو التمويل الذي جبته الحكومة من الشعب بصورة غير طوعية، من قيمة العملة الوطنية؛ لتقتطعه من مدخرات الشعب ومستوى معيشته من جهة، ومن حجم الناتج اإلجمالي الحقيقي من جهة أخرى. ثم مع انكشاف اللعبتين ألغلب فئات الشعب، لعبة التنمية االستعراضية ولعبة الجباية غير الطوعية، وإدراكهم لجزء من خلفيتها، انهارت الثقة واتجهت القادرة منها، ذات الفوائــض المالية، إلى الهروب من الجنيه لتجنب هذه الجباية الملتوية، وما تتضمنه من تمويل اإلنفاق االســتعراضي المحاسيبي غير الكفء؛ لينعكس هذا الهروب في مضاربة ضد الجنيه المصري؛ ظهرت أعراضها في القفزات السعرية المتتالية للدوالر األميركي في السوق السوداء، وفي الفجوة بين السعرين، المحلي والدولي، للذهب، وبالطبع في انفجار أسعار كافة أنواع السلع واألصول األخرى. وهــذه المضاربة، للحفاظ على القيم الحقيقية لموارد ومدخرات األفراد، ورغم كل آالمها وضحاياها، تمثل نوًعًا من المقاومة االجتماعية للجباية غير الطوعية ولطريقة توظيف الحكومة للموارد المقتطعة من المجتمع، إنها مقاومة ســلبية ملتوية لجباية قسرية ملتوية، منطقية جًّدّا وال بديل أكثر أمًنًا لها في سياق القمع السياسي واألمني الشديد؛ حيث ينتقل الصراع المالي الذي كان يجب حله سياسًّيّا، إلى ما يمكن التنازع فيه وااللتفاف حوله اقتصادًّيّا ونقدًّيًا. ال عجــب فــي ارتفاع مدى عنف الحكومة تجاه تجار الذهب والمحتفظين بالدوالر )، والــذي تجاوز كافة الحدود 70 مــع وصول األزمة لذروتهــا أوائل العام الحالي(

Made with FlippingBook Online newsletter