العدد 22– مايو - ايار 2024

83 |

الصوف َّيّة تشــ َّكَلت فرق التصُّوُف وظهرت في التاريــخ اإلسالمي بعد القرن الثالث الهجري؛ حيث بدأ التصُّوُف يتحَّوَل من ســلوكَّيَات وأفــراد إلى طرق ومناهج وجماعات لها مراجعها وقادتها ورموزها وأسماؤها. وقد انتشر التص ُّوُف في العالم اإلسالمي بشكل كبير نتيجة عوامل عديدة، سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وفكرية؛ وكان اليمن ضمن جغرافيا انتشار حركة التصُّوُف من وقت مب ِّكِر. عادة، تبتعد مراجع ورموز وقيادات التص ُّوُف عن السياســة والســلطة باعتبارها تنافي الصفاء الروحي والنقاء األخالقي والزهد في الدنيا؛ غير أ َّن ذلك ال ُيُلغي وجود نوع مــن التخــادم بين تلك المراجع والرموز وبين أصحاب الســلطة والنفوذ من النوافذ الخلفية. ، لم تنخرط الجماعات الصوفَّيَة في الصراعات السياســية أو 1962 في اليمن، ومنذ في أ ِّي كيان سياسي أو حزبي، وظَّلَت 1990 النزاعات الحزبية، كما لم تتش َّكَل بعد تَّيَاًرًا دينًّيًا اجتماعًّيًا محافًظًا على مســلكه الدعوي والحركي. وقد أتاح قيام الوحدة ، وفقدان الحزب االشتراكي اليمني الهيمنة في المحافظات الجنوبية 1990 اليمنية في ، الحِّرِيــة والحركة واالنتشــار للجماعات الصوفية فــي الجنوب، حيث 1994 فــي حضورها األكبر. فقد مارس الحزب االشــتراكي اليمني االضطهاد والتنكيل بالعلماء والفقهاء والدعاة من كاَّفَة األطياف، بما في ذلك الصوفية. انتشــر التصــ ُّوُف في اليمن الشــمالي في تهامة وتعز والبيضــاء وإب، أَّمَا في اليمن الجنوبــي فتعــ ُّد حضرمــوت حاضرته وحاضنتــه األكبر، ث َّم عــدن. ويتجَّلَى حراك الصوفيــة فــي أربطتهم العلمية، ومزاراتهم الدينيــة (ومعظمها قباب بنيت على قبور رموز للصوفية بهدف قصدها والتبُّرُك بها). وفي حين يَّتَجه نشاط الصوفية لألحوال الشخصية، واألوراد واالبتهاالت، والطقوس التعُّبُدية، واالحتفالَّيَات بمناسبات خا َّصَة تضفي عليها صبغة دينية وفق نمط وفلسفة خا َّصَة بك ِّل فريق منها، فإ َّن ذلك لم يجعلها في منأى عن محاوالت االستقطاب والتوظيف من األطراف السياسية. فقد ســعى الرئيس صالح في ســبيل اســتقطاب هذا التَّيَار، وخصو ًصًا في الجنوب والسلفِّيِين في " اإلخوان المســلمين " سـًا لخطاب � وتهامة، ليشــ ِّكِل خطاًبًا دينًّيًا مناف

Made with FlippingBook Online newsletter