| 100
من هنا ظهر مجمل التشــوهات السياســية والاجتماعية، التي كان لها أثر سالب فيما يتصل بقدرة الدولة الوطنية فيما بعد الاســتعمار في الاستجابة للمطلوبات السياسية للتكامل الوطني. وقد أســهم فشــل النخبة السياسية في إدارة التنوع العرقي والإثني في تصاعد حدة الصراع بين أبناء الشعب السوداني وأقاليمه المختلفة. ومن هنا تبرز مشروعية الربط بين طبيعة نشأة الدولة السودانية بموروثها المشار إليه (العامل الخارجي)، وما تلا ذلك من عدم اتفاق حول مشروع وطني، واتساع خريطة النزاعات والعنف المســلح الذي يعيشه السودان اليوم، فالدراسة معنية بالنظر لهذين العاملين من منظور تكاملي، للوقوف على دور البعدين الإقليمي والدولي، مع عدم إغفال المكون الداخلي للصراع، وإلى أي مدى قد أســهما في تكوين حالة العجز الدائم التي رافقت أداء الدولة الســودانية، وعلاقة ذلك باســتمرار مشروع الاحتراب الداخلي الذي بدأ قبل الاستقلال واستمر إلى اليوم، وبشكل بات يهدد إمكانية بقاء الســودان دولة موحدة في هذه الرقعة الجيوسياســية بالغة الأهمية، والتي تعد جزءًًا من دوائر تشــمل الســاحل والصحراء، ومنطقة حوض النيل، ومنطقة البحر الأحمر، ومنطقة القرن الإفريقي. فاستمرار الصراع في السودان منذ ما قبل الاستقلال وإلى اليوم يرتبط بمجموعة من الأسباب، منها ماهو متجذر وهيكلي، وهذا يعني أن هناك أسبابًًا ذات جذور تاريخية عميقة رافقت الدولة منذ تأسيسها، وأخرى مرتبطة ببعض التداعيات السياسية والأمنية ، وقادت مباشرة للحرب الدائرة الآن. وفيما يلي تناول ذلك 2019 التي أعقبت ثورة على النحو التالي: • الأسباب البنيوية ثمة أســباب بنيوية يرى الباحث أنها أســهمت في استمرار الصراع وديمومته منذ ما قبل الاستقلال وإلى اليوم والتي من بينها: أ. غياب المشروع الوطني المتفق عليه يمثل المشروع الوطني رؤية شاملة وطويلة الأمد تجمع بين عناصر الهوية الثقافية التي تميز شعبًًا عن غيره من الشعوب وأهداف التنمية البنََّاءة، وتسعى لتحقيق التوازن بين
Made with FlippingBook Online newsletter