العدد24

| 104

وبتطبيق المؤشــرات آنفة الذكر يمكن القول: إن الأحزاب السياسية السودانية تعيش أزمة عميقة، ولم يكن بوســعها إنتاج مشــروع وطني متفق عليه، يســتجيب لقضايا الصــراع السياســي الذي تطور في كثير من المراحــل إلى حروب طاحنة، كالحرب الدائرة الآن. ومن بين أكثر المؤشــرات خطورة على مســتقبل السودان في إطار دور الأحزاب السياسية، عجز الأحزاب عن حل معضلة التمويل، التي ربما تقود لتهديد مباشــر للأمن الوطني الســوداني إذا تم اســتغلالها من بعض الأطراف الخارجية. وبالتالي، فإن الإشــكاليات التي تواجه الأحزاب الســودانية تؤثر بشكل مباشر على مجمل أداء النظام السياســي وبعض السياســات المنبثقة عنه، والتي من بينها فشــل السياسات الكلية في إدارة التنوع كأحد أهم أسباب الصراع والاحتراب في السودان. ت. فشل السياسات الكلية في إدارة التنوع يُُنظر للتنوع الثقافي الموجود في بعض الدول، في كثير من الأحيان، كســبب لعدم الاســتقرار المجتمعي، وبالتالي انعدام الأمن المجتمعي. فالمداخل النظرية التقليدية تتعامــل مع التنوع باعتبــاره مهددًًا أمنيًّّا تجب مقاربته بمدخل أمني، وإن ترتب على ذلك المدخل أو المقاربة استخدام العنف الرسمي للدولة، وذلك بغرض إنتاج هوية رســمية موحدة للمجتمــع تدعم تحقيق الأمن، بينما نجــد المقاربات الحديثة التي تعاملت مع القضايا الأمنية وقضايا تهديد الســلم المجتمعي تنظر للقضية بعدســات تحليليــة أعمق، بــل وباتت تنظر للدولة من خلال امتلاكهــا لأدوات القهر المادي علــى أنها -أي الدولة- تشــك ِِّل أحد مصادر التهديد للتنــوع الثقافي الذي يتمتع به ). ويعتقد أصحاب هذا المنظــور الجديد أن الدولة تُُعد مصدرًًا لتهديد 9 المجتمــع( التنوع عندما تســعى لفرض ثقافة الأغلبية على بقية الأقليات، وهو ما يقود لحدوث نزاعات قائمة على أسس إثنية وثقافية، ونجد أن وحدة الدولة واستقرارها لا يتطلبان أحادية الثقافة في المجتمع، بل إستراتيجيات فعالة لإدارة التنوع. إستراتيجيات إدارة التنوع الثقافي عمدت الكثير من الدول في القارة الإفريقية في إطار ســعيها لحل مشــكلة التكامل القومي أو ما يُُســمى بالاندماج الوطني، إلى الأخذ ببعض الإســتراتيجيات، والتي )10( شملت الآتي

Made with FlippingBook Online newsletter