العدد24

| 106

ونتج عن تبني الدولة السودانية لسياسة الاستيعاب كإحدى إستراتيجيات إدارة التنوع، إلى بروز عدد من الصراعات التي أخذ أغلبها طابع المواجهات المســلحة، وظهور بعض الكيانات ذات الطابع الإقليمي التي كانت لها مطالب تنموية، ولكنها في الوقت نفسه كانت تطالب بإدارة رشيدة للتنوع والاعتراف به كعامل إثراء وليس تهديدًًا. ومثََّلت فترة حكم الفريق إبراهيم عبود نموذج ًًا لفشل سياسة الاستيعاب، فالإجراءات ، 1964 وحتى 1958 التي تم تنفيذها إبان الحكم العسكري الأول الذي امتد من العام كانت ســببًًا في إشــعال الحرب بين الشــمال والجنوب؛ حيث قامت حكومة عبود بتوحيد مناهج التعليم، وفرض اللغة العربية في الجنوب، وطرد المبشرين المسيحيين، وإقامة المعاهد الإسلامية؛ مما أســفر عن مواجهات عنيفة بين الشــمال والجنوب، وقادت آثار سياســة الاســتيعاب وتذويب الثقافة الجنوبية لاحقًًا إلى انفصال جنوب . 2011 السودان في العام فــي المقابل، كانت المرة الأولى التي تم فيها تطبيق إســتراتيجية الاندماج الوظيفي ، عبر اتفاقية أديس أبابا، وذلك عندما تم 1972 لإدارة التنوع في السودان، في العام إقرار صيغة الحكم الذاتي الإقليمي للجنوب في إطار دولة السودان الموحدة. ومثََّلت تجربة حكومة الإنقاذ الوطني المحاولة الثانية في إطار الأخذ بإســتراتيجية الاندماج الوظيفي لإدارة التنوع. : )11( وقد سعت الحكومة وقتها لتطبيق إستراتيجية الاندماج الوظيفي عبر آليتين، هما • في نطاق تجربة حكومة الإنقاذ الوطني ترافقت مع اعتماد النظام المحاولة الأولى: 9 الفيدرالــي كإحــدى توصيات مؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد في الفترة من . 1989 أكتوبر/تشرين الأول 21 سبتمبر/أيلول- • ، والتي 2005 تزامنت مع توقيع اتفاقية السلام الشامل في العام المحاولة الثانية: أقرت ما عُرف بدولة واحدة بنظامين. وبتقييم إســتراتيجيتي الاستيعاب والاندماج الوظيفي، يمكن القول: إنهما لم تنجحا في التعامل مع التنوع بالشــكل المطلوب، فإستراتيجية الاستيعاب لم تعترف بالآخر وثقافته، ونتج عنها العديد من الحروب في مختلف مناطق الســودان، وإســتراتيجية الاندمــاج الوظيفــي رغم أنها تقوم على الاعتراف بالآخر وحقوقه الثقافية، وتعد من

Made with FlippingBook Online newsletter