العدد24

107 |

بين أفضل الإســتراتيجيات لإدارة التنوع، إلا أنها لم تنجح في وضع حد للشــعور بالظلم والغبن الاجتماعي الناتجين عن عدم الاعتراف بالآخر، وأحقيته في الحقوق المتســاوية مع بقية المكونات الثقافية الرئيســية الأخرى. فأحد الاشتراطات المهمة لنجاح أية إستراتيجية بنََّاءة في إدارة التنوع الثقافي السوداني، هو وجود قاعدة تنموية صلبة تدعم إنفاذ هذه الإستراتيجيات، وتُُسهم في إزالة الشعور بالمظلومية التاريخية التي خلََّفتها سياســات النمو غير المتوازن. وقد أفرز هذا الاختلال الهيكلي في بنية السلطة والثروة مجموعة من الحركات المسلحة في مناطق دارفور، وشرق السودان، وكردفان، والنيل الازرق. ث. الاختلال الهيكيلي وغياب المشاركة العادلة لقد نشأت الدولة السودانية مأزومة تتسم بالضعف الهيكلي والبنيوي، ومن الطبيعي أن تكون لهذه النشأة تأثيرات واضحة في الهياكل التي اعتُُمدت لإدارتها، وارتبط الفعل الناتــج عــن هذه الهياكل بكل مقومات الضعف المصاحبة للنشــأة، وبالتالي تأثرت المقاربــة الكليــة لمنظومة الأمن الوطني بذلك، فكانت النتيجة الطبيعية أنها نشــأت وهــي تحمل كل الأدواء والمهددات التــي قادت في مرحلة تاريخية محددة لظهور موجة من التمرد والثورة عليها فيما اصطُُلح على تســميته بصراع المركز والهامش. وقد أســهم هذا المتغير ضمن منظومة المتغيرات الأخرى، والتي يقف على رأســها غياب المشــاركة العادلة في الســلطة والثروة، في زيادة حجم التهديد الموجه للأمن الوطني الســوداني، وبات مشروع الدولة وبقاؤها نفسه مهددًًا بفعل تنامي المهددات . )12( آنفة الذكر والمتتبــع لتاريخ الســودان السياســي يلحظ أن معضلة الاخــتلال الهيكلي وغياب المشــاركة العادلة ظهرت لبناتها الأولى قبل نيل الســودان لاســتقلاله؛ حيث أسهم دخول الاســتعمار من بوابة السودان الشــمالية في تركيز التعليم والتدريب الحديث لإدارة الدولة في الشمال النيلي، وكذلك أسهمت سياسة المناطق المقفولة في حرمان مناطق واسعة من التعليم والانفتاح على العالم الخارجي، وبالتالي فإن هذا الاختلال على مستوى تأهيل الكادر البشري قد ترافق مع غياب سياسة التمييز الايجابي التي عادة ما يؤخذ بها في مثل هذه الظروف لتقليل الاختلال الهيكلي؛ وهو الأمر الذي . )13( لم يحدث لا قبل ولا بعد الاستقلال

Made with FlippingBook Online newsletter