العدد24

| 110

أ. وجود الجيوش الموازية شــهدت بعض دول الشــرق الأوســط في الســنوات الأخيرة تراجعًًا فــي احتكار الجيوش الوطنية للقوة العســكرية، مع تنامي نفوذ العناصر المســلحة غير النظامية None State والتــي باتــت تُُعرف بـ(الجيوش الموازية) أو الفاعلين من غير الدولة ( )، وتضم تشكيلة واسعة من الجهات الفاعلة، والتي منها فلول أو أجزاء من Actors الجيوش النظامية، والميليشيات المسلحة، والكتائب المناطقية، والجماعات الطائفية، والأجنحة العســكرية للأحزاب، والتشكيلات الشــعبية، والفيالق الثورية والتنظيمات . )16( العشائرية وقد تمكنت هذه الجيوش الموازية في نطاق تطورها ومنافستها للجيوش النظامية من فرض سيطرتها على مناطق ذات كثافة سكانية عالية في بعض الدول الإفريقية، وذلك عبر الاستفادة من حالة الفراغ السلطوي الذي شهدته تلك البلدان، والتي يأتي على رأســها دولة ليبيا، واليمن، والعراق، وسوريا، ولبنان، والصومال، ونيجيريا، وجنوب الســودان، وجمهورية السودان. ولعب ضعف الســلطات السياسية في تلك البلدان دورًًا مؤثرًًا لجهة مساعدة الجيوش الموازية في تمكين نفسها اقتصاديًّّا، بجانب تعزيز علاقاتها ببعض الأطراف الخارجية؛ الأمر الذي مك ََّنها من تطوير ترساناتها العسكرية، ومنحها القدرة على خوض مواجهات عســكرية لاحقًًا ضد الجيوش النظامية لتلك البلدان. وما تجربة قوات الدعم الســريع في الســودان ببعيد؛ إذ تمثل أحد نماذج الجيوش الموازية، والتي باتت طرفًًا رئيســيًًّا في الحرب الدائرة الآن في الســودان، وفي مواجهة الجيش النظامي للدولة. ونحاول في الأسطر القادمة تناول تاريخ هذه الظاهرة في السودان. • الجذور التاريخية للميليشيات القبلية في السودان تعد ظاهرة الميليشيات القبلية من الظواهر القديمة التي تضرب بجذورها في التاريخ السياسي والعسكري السوداني، وقد ارتبط تكوين هذه الميليشيات التي باتت تشك ِِّل شـ ًا موازية للجيش الرســمي للدولة بدواعي مواجهة خصوم يتخذون من حرب � جيو الغوريلا أو العصابات أسلوبًًا، ولم يكن بمقدور الجيش السوداني مواجهة هذا النوع من التكتيكات الحربية سوى بتكوين ميليشيات قبلية مساندة، حسب رأي الكثير من العسكريين.

Made with FlippingBook Online newsletter