| 120
الصراع العنيف الراهن، وتشــمل هذه الإشــكاليات البنيوية، غياب المشروع الوطني المتفق عليه وطنيا، ويُُعد وجود هذا النوع من المشروعات المتفق عليها أمرًًا حاسمًًا لجهــة تمكيــن الدولة من بناء رؤية كلية تنطلق منها في إنجاز التنمية داخليًًّا، وإدارة التنافس حول المصالح خارجيًًّا، وتتحمل الأحزاب السياسية السودانية بحكم طبيعة تكوينها القدر الأكبر من المسؤولية في غياب هذا الحُُلم الوطني المجمع عليه. وقاد ضعف هذه المؤسســات المدنية إلى أن باتت عاجزة عندما تولت الســلطة في أن تبتدع ما ناقشته الدراسة ضمن الأسباب البنيوية للصراع في السودان، سياسة كلية لإدارة التنوع، وتجدر الإشارة هنا إلى أن المؤسسة العسكرية ومن خلال اضطلاعها بأدوار سياســية عبر تاريخ الســودان، تتحمل جزءًًا مقدرًًا فيما يتعلق بالفشل في تبني سياسات كلية لإدارة التنوع، ونتج عن هذا الفشل اختلال هيكلي أضعف قدرة الدولة على التعبير عن التنوع بما يضمن مشــاركة عادلة بين مختلف المكونات الســكانية السودانية. ونتج عن ذلك التهميش الشعور بالغبن وانعدام المساواة في التنمية، وقاد ذلك لظهور بؤر من الصراعات غطت كل جغرافيا السودان. في ظل المعطيات المشار إليها، والتي تشك ََّلت عبر الحقب السياسية المختلفة، حدث بعد سقوط نظام الرئيس السابق، عمر البشير، 2019 نوع من الفراغ السياسي في العام الذي كان حاكمًًا لفترة ثلاثة عقود. وفتح غياب مؤسسات الدولة، خاصة الأمنية منها في ظل دورة صراع سياسي حاد الباب أمام حركة تدخل خارجي كبير، في الحرب ، مدفوع بالأهمية الإستراتيجية 2023 التي اندلعت في الخامس عشر من أبريل/نيسان للسودان السودان وموقعه الجغرافي الحاكم، وقاعدة الموارد الضخمة التي يتمتع بها. ويمثل استمرار الصراع في السودان منظورًًا إليه من زاوية تعدد الأقاليم التي يُُعد جزءًًا منها، أمرًًا فيه خطورة كبيرة على مستقبل استقرار تلك المناطق، والتي تشمل البحر الأحمر، والقرن الإفريقي، ومنطقة الساحل والصحراء، ومنطقة حوض النيل. ويرجح أن تؤدي الامتدادات القبلية والسكانية بين السودان وجيرانه إلى مشكلات أمنية بالغة الخطورة على الأمن والاستقرار الإقليمي، إذا لم يتم التعامل مع دورة الصراع الدائرة الآن، والتي تســتدعي مخاطبة أمينة للأســباب البنيوية التي أقعدت الدولة عن إنجاز التنمية المطلوبة، مع الأخذ في الاعتبار مخاطبة الأسباب المباشرة التي تتعلق بظاهرة
Made with FlippingBook Online newsletter