العدد24

| 12

الإسلامي، كما اســتلهمته النخب العسكرية والسياسية الغربية، بعد تطويعه لمزاجها الثقافي الخاص. وتنقسم الدراسة إلى قسمين، لكل منهما منهجه ومنطقه. فالثلث الأول من الدراسة مقدمات عامة، تســلك المنهج التاريخي، فتبين أهمية الصين وتراثها الإســتراتيجي، وضرورة أخذهما بجد، وتضع النصين المدروسين ضمن سياقهما التاريخي، وترصد انتقالهمــا مــن المحلية إلى العالمية عبر ترجمات عديدة إلى لغات شــتى، كما تبين أثر هذين النصين في ثقافة الصين المعاصرة، وفي الثقافة الإســتراتيجية الغربية. أما القســم الثاني من الدراســة الذي يقارب ثلثيها، فيعتمد المنهج التحليلي، وهو يركز علــى تقديم لباب النصين للقارئ، فيســتخلص المبادئ الإســتراتيجية الكبرى من النصين، ويصوغها صياغة مكثفة في أربع وعشرين مقولة آمرة أو ناهيةًً، سهلة الحفظ ا عليها بحشد من الاقتباسات النصية، وشارح ًًا لها أحيانًًا بأمثلة والاســتيعاب، مستدل ًّا تاريخية تقربها من ســياق الثقافة العربية والإسلامية. والغاية من تناول النصين بهذه الطريقة هي منح هذه الدراســة صبغة تعليمية وعملية، بعيدًًا عن التجريد الأكاديمي البارد. وليــس هــذان النصان هما كل ما ور ََّثتنا إياه الحضارة الصينية العتيقة من كنوز الفكر الإستراتيجي، بل يوجد عدد لا بأس به من هذه الكنوز، أهمها النصوص الكلاسيكية الســبعة التي اعتادت الإمبراطوريات الصينية المتعاقبة اعتمادها برنامج ًًا لقادة الدولة . لكن اختيارنا وقع على هذين )1( السياســيين والعســكريين، ومنها كتاب صن تزو النصين، لما امتازا به من عمق المضمون، وحبكة الصياغة، وأثر في التاريخ العسكري. مختصر وربما يكون أشبه كتب التراث العسكري الإسلامي بهذين النصين هو كتاب لمفكر عسكري من العصر العباسي، هو أبو سعيد الهرثمي، الذي سياسة الحروب، فهو يقاربهما في عمق الحاسة الإستراتيجية، وكثافة . عاش في القرن الثالث الهجري الأســلوب، وحســن السبك. وســنجري مقارنات خفيفة بينه وبين صن تزو في ثنايا الدراســة. ورغم صدور عشــر ترجمات عربية لكتاب صن تزو، فقد أعيانا الحصول علــى أي دراســة تحليلية جادة لكتاب صن تزو باللغــة العربية، وهذا من محفزات إقدامنا على كتابة هذه الدراسة التي نأمل أن تسد هذه الثغرة.

Made with FlippingBook Online newsletter