العدد24

147 |

خاتمة يهمنا في خاتمة هذه الورقة التأكيد على أن مسألة الانخراط داخل الأحزاب السياسية انطلاقًًا من العينة المدروســة، لا تزال تكتســي بعدًًا إيجابيًًّا يتأســس على عنصري التسييس والثقة ورفض كل أشكال الازدراء التي وسمت الأحزاب السياسية المغربية منذ بداية الألفية الثالثة. لقد نهض اســتثمار انخراط الأفراد داخل الحزب السياســي المغربي بأدوار إيجابية في مســار تجربتهم، وأســهم في بعــض اللحظات عن غير وعي في تغيير تمثلاتهم الســلبية عن العمل السياسي والمشاركة السياسية؛ إذ تحول انخراطهم هذا داخل التنظيم إلى دعوة إلى دمقرطة الهياكل الحزبية من خلال التأكيد على ضرورة الديمقراطية الداخلية. لكن أخ ْْذََنََا بعين الاعتبار هذا البعد الإيجابي مردُُّه إلى مســار هؤلاء الأفراد، والذي تميََّز في كونهم ينتمون إلى الفئة المتعلمة، إن لم نقل: النخبة، ما داموا حاصلين على شواهد عليا. وعن مسألة تداعيات هذا الانخراط فهي توحي بوجود سجال حول الاستمرار في التجربة الحزبية والحفاظ على العضوية من عدمها، ولم يكن هذا الجدال ذا صلة بوقوع الحزب في أخطاء سياسية أو له صلة بالمبادئ فحسب، وإنما أيض ًًا تحول إلى سجال براغماتي مبني على المصالح بالدرجة الأولى إذ الاستمرار في العضوية يأتي لغرض تحقيق طموح شخصي والاستفادة مما تتيحه التجربة الحزبية من مكاسب. وبعد أكثر من عقد ونيف على إطلاق الإصلاح المعياري للأحزاب السياســية، تبدو هذه الأخيرة في حاجة أكثر إلى تكثيف نظام العضوية داخل هياكلها ومواكبة التطور الحاصــل داخل المجتمع؛ إذ أضحينا اليوم في أمََس الحاجة لتوطيد دعائم العقلانية السياسية وتكريس ثقافة المشاركة السياسية وتدعيم ركائز النظام الديمقراطي، والتخلي عن التصور الأحادي والمطلق للأشياء؛ ذلك أن الديمقراطية تحتاج إلى التلازم بين السياسة والمجتمع، وهو المسعى الذي لا يمكن أن يتم بدون أحزاب قوية بهياكلها وأعضاء ملتزمين، ومواطنين مسيســين لإحداث التغيير، والســعي لبناء قادة سياسيين متميزين يمكن التعويل عليهم لتدبير الشأن العام.

Made with FlippingBook Online newsletter