العدد24

| 14

ولا يعارض الصينيون هذا النمط من التوصيف لصعودهم، بل لعله يعجبهم ويخدم ما يرمون إليه من التســليم بريادتهم، ولكنهم يض ْْفون عليه معنى أخلاقيًًّا مستمد ًًّا من ا-، يجادل تراث صن تزو. فالمفكر العســكري الصيني المعاصر، ليو مينغْْفو -مثلًا ، لكن بمنهج )4(" مبارزة القرن " بأن الصين ستفوز على الولايات المتحدة فيما يدعوه مختلف تمامًًا عن المنهج الأميركي، وهو يرسم صورة هذا الاختلاف بقوله: إن الصين مســاهم أساســي في الفكر العســكري في أرجاء العالم، لكنها لم تكن " مســاهمًًا أساســيًًّا في حــروب العالم. ففــن الحرب الصيني فن ســلمي، ودفاعي، وإستراتيجي، وخِّيٌِرٌ، ومتحضر. فهو فن حرب يستعمل النعومة للتغلب على الحديد، والتروي للتغلب على القوة. وكتاب فن الحرب لصن تزو تعبير كلاسيكي عن ثقافة الصين العســكرية، وتأمُُّل كثيف في شــخصية الصين العســكرية، وعمل إبداعي في . )5(" التعبير العسكري عن خصائص الصين السياسية وســوف نرى بتحليلنا لأفكار صن تزو وحكمه الإســتراتيجية في ثنايا هذه الدراسة مــا إن كان مينغْْفــو دقيقًًا في توصيفه لتلك الأفكار. لكن ما يهمنا هنا هو أن الصين الذي أذاقهم فيه )1949-1840( " قرن المهانــة " قــد خرجــت مما يدعوه الصينيــون المســتعمرون الغربيون واليابانيون صنــوف الإذلال، ثم بدأت خلال العقود الأربعة الماضية صعودًًا مدهش ًًا. وهي تستمد الروح الدافعة لهذا الصعود من أمرين: الإصرار . )6( على محو آثار الإذلال المعاصر، والاعتزاز بأمجاد الإمبراطوريات الصينية الغابرة وهذا الخروج الصيني من طوق الهيمنة الغربية على العالم التي دامت قرونًًا، وتقدمها إلى مســرح التاريخ العالمي من جديد، يترتب عليه الكثير بالنســبة لمستقبل المنطقة العربية والحضارة الإسلامية. التنين يطرق الأبواب ويمكن أن نضيف إلى هذا الصعود الصيني على المستوى الدولي، أن الصين بدأت تتمدد بهدوء وثبات في بيئتنا الإستراتيجية، وتبني لنفسها رؤوس جسور في المنطقة العربيــة، وفــي العالم الإسلامي الذي تجمعها حدود مشــتركة مع خمس من دوله، هي: أفغانســتان، وكازاخستان، وقرغيزستان، وطاجيكستان، وباكستان. وهذه الأخيرة تربطها بالصين علاقات عسكرية متينة في مواجهة غريمهما المشترك، الهند، وعلاقات

Made with FlippingBook Online newsletter