العدد24

| 16

واللافــت للنظر أن بعض المنظ ِِّريــن الصينيين لا ينكرون غايتهم البعيدة وهي وراثة إســتراتيجيات " النفــوذ الأميركــي في العالم. فبينما نجــد منِّظًِرًا أميركيًًّا يحذر من التي تنتهجها الصين بصبر وطول نفس، سعيًًا إلى وراثة النفوذ الأميركي في " الإزاحة ، نجد منظ ِِّرا صينيًًّا يبشر بعصر )10( العالم دون الدخول في حرب مباشرة مع أميركا في النظام الدولي، رغم سعيه لإقناع الأميركيين وغيرهم بأن الصين " ما بعد أميركا " . )11( ا لن تكون قوة هيمنة، بل قوة تعاون الممســكة بزمام القيادة العالمية مســتقبلًا ومهما تكن النيات الطيبات أو الخبيثات التي تستبطنها القوة الصينية الصاعدة، فإنها قوة تطرق أبواب منطقتنا اليوم، وليس من الحكمة أو الحصافة تجاهلها. المفكر الحاضر الغائب ويجب ألا ننسى أن الفكر الإستراتيجي الصيني الذي نتناوله هنا حاضر في حياتنا عبر الآخرين، وخصوص ًًا الأميركيين الذين هم أكثر الشــعوب مدارسة وتطبيقًًا لفكر صن تزو اليوم، وهم يطبقونه بالفعل في حروبهم وسياســاتهم في المنطقة العربية والعالم الإسلامي. وقد كتب أحد الصحفيين الأميركيين المرافقين للجيش الأميركي في حرب على الرغم من أن الصين لم ترسل إلى الخليج جنديًًّا واحدًًا، " : 1991 الخليج، عام إلا أن هناك صينيًًّا لغزًًا يشارك في المعركة، وهو يقود عمليات القتال. ذلك الجندي . )12( " عام 2500 هو سون تسي [صن تزو] الذي عاش ومات قبل ، الطيار والمفكر 1991 ويكفــي أن نعلــم أن واضع خطة الحرب في الخليج، عــام ، تلميذ نجيب من تلاميذ فكر صن )John Boyd( الإستراتيجي الأميركي، جون بويد تزو، وأنه استمد منه الأفكار الأساسية التي اشتهر بها. ففكرة إيقاع الخصم في حالة أساس ًًا إعادة تأويل معاصرة لكتاب صن " شلل إدراكي ونفسي التي نظ ََّر لها بويد هي المنطلق الذي " ، كما لاحظ باحث عســكري تايلندي، وهي )13( " فن الحرب تــزو ، )14( " انطلق منه بويْْدْْ، وقد كان يعتبر صن تزو أبًًا مؤسسًًا للإستراتيجيات العسكرية كما لاحظ باحث عسكري أميركي، وسنتناول مفهوم الشلل الإدراكي فيما بعد. لقد ظل كتاب صن تزو ملهمًًا للقادة السياسيين والعسكريين عبر العصور. ورغم أن هــذا الكتيب خفيف الوزن، لا تتجاوز كلمات ترجمته أحيانًًا أكثر من عشــرة آلاف كلمة، فإنه نص كثيف المادة، وهذا ما جعله منبعًًا لا ينضب من الحكمة السياســية والعسكرية، يستمد منه كبار المفكرين الإستراتيجيين والقادة العسكريين والسياسيين،

Made with FlippingBook Online newsletter