| 30
ويرتــب صن تزو مســتويات المعرفة التي تتحكم في مصائــر الصراع، فيضعها في مراتــب ثلاث: معرفــة النفس والعــدو كليهما، ومعرفة النفــس دون معرفة العدو، ومعرفــة العــدو دون معرفة النفس، ثــم يرتب على ذلك نتائجــه المنطقية، فيقول: اعرف العدو، واعرف نفســك، تتجنب المهالك، حتى ولو خضت مئة معركة. إذا " ا بالعدو، عارفًًا بنفسك، فإن حظوظك في الفوز والخسارة متساوية. أما إذا كنت جاهلًا .) 33 - 31 ، فق 3 (فص " ا بالعدو وبنفسك، فإنك ستخسر كل المعارك يقينًًا كنت جاهلًا ويعلق شــارحه لي شــوان على هذا الصنف الأخير الجاهل بنفسه وبالعدو، فيقول: .) 33 ، فق 3 (فص " هؤلاء عصابات من الحمقى، فما الذي يتوقعونه غير الهزيمة؟! " وأعلى مراتب التفوق المعرفي هي التي تقود إلى الانتصار دون قتال، وتلك هي قمة إن الفوز بمئة انتصار في مئة معركة ليس قمة " البراعة الإستراتيجية. يقول صن تزو: ). وقد أشــار 3 ، فق 3 (فص " البراعــة. إنمــا قمة البراعة هي إخضاع العدو دون قتال م)، إلى هذا المعنى بقوله: 1188 - 1095 ه/ 584 - 488 الفارس الأمير، أسامة بن منقذ ( . ولا )57( " ا أحزم الملوك من لم يلتمس الأمر بالقتال، وهو يجد إلى غير القتال سبيلًا " يتحقق هذا النمط من الظفر السلمي إلا بمعرفة عميقة بالخصم، كما يقول صن تزو: المعرفة الســابقة بالعدو هي السر في أن الأمير المتبصر والقائد العسكري الحكيم " .) 3 ، فق 13 (فص " ا، وأن إنجازهما يفوق إنجاز غيرهما يهزمان العدو حيثما حلَّا ولأن صراع الأذهان أهم من صراع الميدان وأسبق، فإن المتوفق في معرفة عدوه وفي التحــوط من معرفة عــدوه به، هو الذي ينتصر في الحرب عادة. وهنا تتقاطع أفكار أول العمل في الحرب، ورأس التدبير فيها، " صن تزو مع أفكار الهرثمي؛ إذ يقول: ، بل إن المتفوق ذهنيًًّا )58( " ألا يظهر عدوك على عوراتك، ولا تسْْتتر عنك عوراته الجيش المحكوم له " ليضمن الانتصار في الحرب قبل خوضها، كما يقول صن تزو: ا ، بالنصر ينتصر قبل خوض المعركة، أما الجيش المحكوم عليه بالهزيمة فيقاتل أولًا ). وإلى هذه الحكمة التي تؤكد رجحان 14 ، فــق 4 (فص " ثــم يأمل الظفر بعد ذلك أضعف حيل الحرب " حرب الأذهان على حرب الميدان أشار أسامة بن منقذ بقوله: . )59( " اللقاء
Made with FlippingBook Online newsletter