العدد24

| 40

متجددة. فظهور مصاعب في الطريق لا يعني خسارة الحرب، وإنما يعني الحاجة إلى استكشــاف دروب غير مطروقة، ومسالك جديدة للعمل، وشيء من مراجعة الذات، وشحذ الإستراتيجيات، وتحوير التحالفات. ولا تنتهي أهمية هذه المرونة الانســيابية عند الشــكل المرن، المتكيف مع السياقات والظروف وتطورات الصراع، بل تتجاوز ذلك إلى التكتيكات العملية؛ حيث يوصي صن تزو بتجنب تكرار المســالك الســابقة، حتى وإن أثبتــت جدواها، لأن التكرار يقضــي علــى روح المفاجأة، ويجــرد المبادرة من عنفوانهــا، ويجعل تنبؤ الخصم إذا انتصرت في معركة، " ا. وفي هذا المعنى، يقول صن تزو: بســلوكك أمرًًا ســهلًا فإني لا أكرر التكتيكات [التي بفضلها كسبت تلك المعركة]، بل أستجيب للظروف .) 26 ، فق 6 (فص " بأنماط وأشكال لا حصر لها . اض ْْرب الخواصر الرخوة 10 يتفرع من مبادئ التكيف والمرونة الانســيابية والســيولة الدائمة التي يوصي بها صن تزو مبدأ عملي مهم، هو تجنب مواطن قوة العدو، واســتهداف مواطن ضعفه، مثل الماء تمامًًا حين يتجنب أعالي الأرض، وينساب في منحدراتها. فهذا هو الذي ينسجم مع فلســفة الاقتصاد في القوة، والســعي إلى تحقيق الغايات بأرخص ثمن وأخصر " المتوغل في مواطن ضعْْف العدو يكون اندفاعه مطردًًا دون عوائق " طريق؛ ذلك أن ). وقد بنى صن تزو هذا التصور على إدراكه وجود ثغرات في صفوف 10 ، فق 6 (فص الخصــم دائمًًا، مهما تكــن تحصيناته، وأن البحث عن هذه الثغرات، والدخول منها بيسر إلى قلب العدو -على نحو ما ينساب الماء إلى منخفضات الأرض- هو الطريق الأسلم لتحقيق النصر. وقد اســتمد عدد من الإســتراتيجيين المعاصرين من صن تــزو هذا المعنى، ولعل أبرزهم البريطاني ليدل هارت ْْ. فبينما اندفعت الجيوش الأوروبية إلى مذبحة الحرب العالمية الثانية أدرك ليدل هارت أن فكرة الحرب الشــاملة عبر المصادمة المباشــرة فكرة مدمرة، فاعترض على خوض الحرب بهذا النمط من الإســتراتيجيات، ورفض أن يكون شريكًًا فيما اعتبره جريمة التضحية العدمية بشباب الأمة البريطانية، وتدمير . )75( الحضارة البريطانية

Made with FlippingBook Online newsletter