العدد24

41 |

وأكــد هارت في تقديمــه ترجمة غريفيث لكتاب صن تزو على أن الحضارة الغربية لو كانت اســتمدت من فكر هذا الحكيم الصيني لكانت وفرت على نفســها بحارًًا من الدماء التي ســالت في الحربين العالميتين خلال القرن العشــرين، مشيدًًا بما في والاقتصاد في الدماء والأموال. )76( " الواقعية والاعتدال " نــص صــن تزو من حس ولم يخرج هارت في كتاباته الإستراتيجية والعسكرية الوافرة عما دعا إليه صن تزو؛ فقــد ألح على تجنب الحروب غير المثمرة، وتفادي المجابهات التصادمية المدمرة، واستهداف مواطن ضعف العدو، واستثمار أخطائه. . امزج الدفاع بالهجوم 11 ليس فكر صن تزو جامدًًا على مسار الهجوم المحض أو مسار الدفاع المحض، بل ا من المســارين في ســياقه، ويرجحه ضمن المعادلات هو فكر ديناميكي، يضع كل ًّا الحصانة تكمن في الدفاع، أما فرص النصر " ا على أن العملية النس ْْبية. فهو يؤكد أولًا ). فلكل من الهجوم والدفاع وظيفة، ولا يسد أي 5 ، فق 4 (فص " فتكمن في الهجوم منهما مسد الآخر. فحين تكون الأولوية هي تحصين الذات والمحافظة على رصيد القوة المتحصل، فالمنحى الطبيعي هو الدفاع. وحين تلوح فرصة الظفر على العدو ا عن أسلافه من حكماء الصين الأقدمين: فلا مناص من الهجوم. يقول صن تزو ناقلًا ا ، ثم ينتظرون لحظة فيما ســلف كان المتمرســون بالحرب يحصنون أنفســهم أولًا " ). وهذا منسجم مع ما ذهب 1 ، فق 4 (فص " ظهور ثغرة في دفاعات العدو ليهاجموا إليه بعض المنظ ِِّرين العســكريين في التاريخ الإسلامي، ومنهم الهرثمي الذي يقول: أول مــا يحتــاج إليه صاحب الجيش هو أن يكون في حال الأمن -وقبل أن يفجأه " . )77( " عدوه- قد حصن نفسه كما يضع صن تزو قضية الهجوم والدفاع في سياق موازين القوة. فالوضع الطبيعي فعلى " للطرف الأضعف أن يميل إلى الدفاع، وللطرف القوي أن يميل إلى الهجوم: المــرء أن يقتصــر على الدفاع حين تكون قوته دون قــوة خصمه، وأن يهاجم حين ). وقد لا تكون هذه المعادلة دقيقة في كل الظروف، 6 ، فق 4 (فص " يملك فائض قوة خصوص ًًا في حروب الثورات وحركات التحرر، التي تعتمد منهج الاستنزاف البطيء، وتسجيل النقاط المتراكمة، من خلال الهجمات الصغيرة المتكررة، المرهقة للجيوش النظامية.. لكنها تظل صحيحة كقاعدة عامة في الصراع بين الدول.

Made with FlippingBook Online newsletter