العدد24

| 52

وغاية الكثير من تلك الحروب هي توحيد الصين تحت راية امبراطورية واحدة. فهذا التماهي بين المتحاربين، وهذا النزوع الوحدوي يســتلزمان شــيئًًا من لطف المعاملة وكســب القلوب. ولم يكن صن تزو مجرد مفكر عســكري، بل كان مفكرًًا سياسيًًّا، يراعي الجوانب السياسية والاجتماعية والنفسية للحرب، وقد أدرك أن الحرب يجب أن تكون خادمة للسياسة، قبل ألفي عام من إطلاق كلاوس فيتز عبارته المتداولة على . )93( " إن الحرب ببساطة هي امتداد للسياسة بوسائل أخرى " الألسنة اليوم: لكن العنوان الذي اســتخدمناه لهذا المبدأ هنا تحوير لصيغة أكثر فجاجة وردت في . " اقتل بسيف مستعار " القاعدة الثالثة من الإســتراتيجيات الست والثلاثين، ونصها: وترمي هذه القاعدة إلى معنى أكثر انتهازية مما قصدناه هنا، وحاصله أنه يوجد دائمًًا بالتعبير الأميركي، يمكنك اســتغفالهم واســتغلالهم useful idiots حمقــى مفيدون ليتحملــوا عنك بعض الأعباء والأوزار وهم لا يشــعرون، وما عليك إلا أن تتملك أهدافهم وتصادرها، وتجعلها خادمة لأهدافك. فهنا تكون الاستعانة بقوة غيرك أكثر انتهازية، حتى في العلاقة بالحلفاء. وتبعًًا لهذا المنطق الانتهازي فإنك تســتطيع أن تستخدم قوة الآخرين ومواردهم في محاربــة عدوك، وأن تتخذ من حلفائك المغفليــن -ومن أعدائك الحمقى- واجهة عـ ًا فــي حروبك. وطبقًًا لهذه القاعدة فإن عليك أن تقتصد في قوتك ومواردك، � ودر ولا تبددهــا فيما ليس ضروريًًّا، وأن تتخفف من الأثمان المادية والمعنوية لحروبك وتحمِِّلها للآخرين، وأن تضرب من تحت الخاصرة خفْْيةًً، وتوجه سهام الانتقام إلى غيرك. وقــد برعت القوى الكبرى المعاصرة في اســتعمال الــدول الصغيرة ذات القيادات المتهورة أو البلهاء هذا الاســتعمال الانتهازي في حروب الوكالة بينها؛ إذ لم تشــهد أربعون عامًًا من المنافســة الشرســة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي على النفــوذ الدولي مواجهة مباشــرة بين الجنود الأميركيين والســوفييت، بل كانت كل الحــروب التي خاضها الطرفان في فترة الحرب الباردة حروبًًا بالوكالة. وإن خاضها أحدهما بجنوده قاتله الثاني بجنود غيره، تطبيقًًا لقاعدة القتال بالسيف المستعار. ومن الأفكار المهمة التي استلهمها الجنرال الأميركي، ديفيد بترايوس، من صن تزو، وطبقهــا خلال الحروب الأميركية التــي قادها في المنطقة العربية والعالم الإسلامي

Made with FlippingBook Online newsletter