العدد24

75 |

فأكثر ما يســتقطب اهتمام الحركات الســلفية هو الاســتقامة الفردية، وليس الفعل الجماعي الذي يتوخى أهدافًًا دنيوية، وهذا ما يجعل منها حركات تزدري السياســة وأبعادهــا، وتبعدها من اهتماماتهــا، مثلها في ذلك مثل العديد من الحركات الدينية التي لا تهدف إلى الاستيلاء على السلطة، أو التحوير الثوري للمجتمع، فبعضها يعمل في العالم المسيحي، " اللوبافيتش " على تكوين جماعة مؤمنين حقيقيين، ولنا في حال في العالم الإسلامي، خير مثــال على هذه الحركات؛ ذلك أنها تقترح " التبليــغ " أو صيغة أخرى للحياة تكون التضامنات الأهلية، والجماعية فيها مؤسســة على التجربة . )6( الدينية الشخصية لكن غياب السياسة على مستوى الخطاب، لا يعني غيابها بشكل نهائي؛ لأنها تنتمي إلى مستوى آخر، إنه مستوى الممارسة اليومية؛ بحيث يمكن أن نجد بعض مدلولاتها ، ففي الغرب أه ََّل نجاح بعض النزعات )7( في التفاعلات، والعلاقات الاجتماعية... الطهرانية في خلق ثروة مادية كبيرة لمفاوضة السلطات من موقع قوة، فعندما بدأت هذه الطوائف تســهم في خلق الثروة؛ أصبح الوعي ينضج بكونها مجموعات دينية . )8( جديدة لا تخلو من مردودية سياسية ويجدر التعامل معها إذن، فعلى الرغم من رفضها للسياســة، وامتناعها عن الخوض فيها، فلا شــيء يبعد ويمنع الســلفية من تأويل العالم الحالي وما يســود فيه من نزاعات، وظواهر دينية ودنيوية، وهو ما يفســر لماذا أصبحت الظاهرة تســتقطب اهتمام مختلف التيارات السياســة وترسم على ضوئها الإستراتيجيات الدولية، والسياسات الوطنية. ومن هنا يحق لنا أن نتســاءل كيف أمكن لمذهبية دينية بعيدة عن الشــؤون السياســية منافسة ؟ )9( الأيديولوجيات الأخرى الدينية منها والعلمانية ثانًيًا: الامتثالية... سمة السلفية إذا كان من المســتحيل الحديث عن خطاب سياســي لدى الاتجاهات السلفية، فإن الامتثالية السياســية تشــك ِِّل مبدأ ناظمًًا لســلوكها السياسي، إذ تختصر السلفية فعلها السياســي في هذا المبدأ، وتبعد من خلاله كل حديث مفصل عن السياســة بكل ما يتفرع عنها من قضايا.

Made with FlippingBook Online newsletter