العدد24

| 76

تقدم السلفية نمطًًا من الدين تستخدمه لأغراض المحافظة على ما هو قائم، فجمعت مـ ُت والطهرانية في جانب الديــن، وبين الامتثالية والاســتكانة في جانب � بيــن التََّز . وعليه فقد مارست السلفية دعوتها بمرونة كبيرة؛ فجمعت بين التعصب )10( السياسة العقــدي والبراغماتية السياســية، وبهذا أبدت مرونة فائقــة في التكيف مع متطلبات السلطة السياسية، مع الحفاظ في الوقت نفسه على تصلبها العقائدي. وضمن أيديولوجية الاســتكانة، نجد اختلافًًا بين شــيوخ السلفية المهادنة، فثمة من يقاطع تمامًًا أي شكل من المشاركة السياسية، ويرفضها، ومن يفتي بجواز الانتخاب، ابن باز، ابن " واختيار الأصلح، لكنه لا يقبل باندماج السلفيين في العملية السياسية . )11( " عثيمين، الألباني يعــد ابن تيميــة، أول من وضع المرتكزات النظرية لمبــدأ الامتثالية، بحيث لم يُُعِِر مســألة تعيين الإمام أو الخروج عليه، ومســألة مشروعية الحكم اهتمامًًا كبيرًًا، وإنما " السياسة الشرعية " ا في كتابه ركز على التذكير بحقوق كل من الإمام والرعية، متناولًا ، ثم ركز في كتاب آخر على )12( دراسة حقوق الله، وحقوق الجماعة في عمومها ا على التوالي الضمانات التي تحفظها الجماعة للفرد والأسرة الحقوق الفردية، متناولًا . )13( وللأموال العامة كانت نظرية ابن تيمية الاجتماعية والسياسية نتاج ًًا مباشرًًا لعقيدته في النبوة والأصول؛ إذ كان فهمه لواجب الطاعة منسجمًًا مع نظريته في التوحيد، فهو يدرج في الواجب الملقى على عاتق الأمة تقليد النبي صلََّى الله عليه وسلََّم، والخضوع الكامل للشريعة الإسلامية. هكذا كانت مسألة نشأة الدولة ثانوية في مذهب ابن تيمية السياسي، فسواء تم تبرير قيام الســلطة عن طريق التعيين الإلهي أم عن طريق انتخاب شــكلي فلم يكن لذلك أهمية، ما دامت السلطة موجودة بالفعل، وبهذا كانت نزعة مذهب ابن تيمية واقعية، . )14( ومتعارضة مع شكلية الانتخاب عند أهل السنة، ومع النزعة المثالية عند الشيعة ، ذهب ابن تيمية مذهب أغلب أهل " البراء " وفيما يخص مسألة الخروج على الحكام السنة وأهل الحديث وكبار الأئمة؛ إذ قال بوجوب طاعة الحكام الفجرة، أو الجهلة في الحدود التي لا تعد فيها أوامرهم مخالفة صريحة لأمر الله ورسوله، ويجب لكي

Made with FlippingBook Online newsletter