العدد24

77 |

يصبح العصيان مباح ًًا أو واجبًًا أن تكون قرارات الإمام مخالفة تمامًًا لأحكام شرعية، . )15( تستند على نص صريح من القرآن والسنة، وإجماع السلف وعلى عكس علماء أهل الســنة الذين فص ََّلوا في مســألة البراء، وقف ابن تيمية في حديثه عن هذه المســألة عند هذا الحد، مكتفيًًا بمعالجتها في إطار جلب المصالح، ]...[ وهذا بعينه هو الحكمة التي رعاها الشــارع في النهي " ودرء المفاســد، يقول: عن الخروج على الأمراء، وندب على ترك القتال في الفتنة، وإن كان الفاعلون لذلك يرون أن مقصدهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لكن، إذا لم تكن إزالة المنكر الا بما هو أنكر منه، صارت إزالته على ذلك الوجه منكرًًا، وإذا لم يحصل المعروف إلا بمنكر مفســدته أعظم من مصلحة ذلك المعروف، كان تحصيل ذلك المعروف . )16( " على هذا الوجه منكرًًا نتيجــة لذلــك، كانت الثورة المســلحة التي دعا إليها الخــوارج ضد كل إمام جائر مرفوضة في مذهب ابن تيمية، بحيث إنه يحرم على كل مســلم أن يســتل سيفه في وجه أخيه المســلم؛ ومن ثم كان الولاء السياســي واضح ًًا عند هذا الفقيه المحافظ، لا يرد عليها من حق للرعية ســوى حق توجيه النصح للإمام من طرف الأفراد في الأمة، اقتداء بتعامل النبي مع صحابته. لا يعــد مبــدأ الامتثالية إذن إنتاج ًًا للســلفية المعاصرة، بل يوجــد في قلب النظرية السياســية الإسلامية. ورغم الظروف الاجتماعية والسياســة الخاصة التي رهنت ابن تيمية في إنتاجه لمبدأ الامتثالية، فإن الناطقين باسم السلفية المعاصرة، يكتفون بترديد ، بمعنى أن التمرد )17( " لا نكران ولا هجران ولا خروج " هذه النظرية تحت شعار والخروج على ولي الأمر فيه مفاســد كثيرة ولا خير فيه للأمة الإسلامية مهما بلغ فجور الإمام لا يجيز لنــا الخروج عليه ولا يجيز لنا أن " ؛ )18( ظلمهــم وجورهــم نســبََّه، ولا أن نشــتمه، ولا أن نتكلم فيه، وعلينا أن ننصحه إذا كنََّا من أهل النصح، . وعلى المنوال نفســه، ترى السلفية المعاصرة أن )19( " وليكن ذلك ســرًًّا بيننا وبينه الاشــتغال بالعمل السياسي ليس من اختصاص العامة، وإنما محصور وخاص بأهل الحل والعقد، أما أن يشــتغل من ليس بيدهم حل ولا عقد، ويشــغلوا جمهور الناس . وعلى المستوى )20( بالمهم عن الأهم، ففي ذلك صرف لهم عن المعرفة الصحيحة النظري، تعتبر الســلفية أن من ترف العلم صياغة نظريات سياســية، ثم التحدث في

Made with FlippingBook Online newsletter