العدد24

89 |

الإصلاح في المجال الديني. فكما هو معروف يتم تقديم وزارة الأوقاف، باعتبارها الجهة التي تتولى صياغة السياسة الدينية وتطبيقها، في حين أن هذه الوزارة ليست في الحقيقة سوى مؤسسة من بين مؤسسات أخرى، تشرف على تفعيل السياسة الدينية. ، اتضح جليًًّا أن 2003 مايو/أيــار 16 ومــن خلال الإجــراءات التــي واكبت حدث شـًا كبيرًًا لتدخل وزارة الداخلية � السياســة الجديدة لتدبير الشــأن الديني تركت هام والأجهــزة المخابراتية بمختلــف أذرعها لضبط الحقل الديني؛ ولتحقيق أهداف غير معبََّر عنها في الخطاب الرســمي. ولذلك نفهم لماذا ظل ملف الحركات الســلفية حكــرًًا على هذه الأجهزة، ولقد ركنت هذه الأخيــرة إلى عقيدتها الأمنية المحافظة لتعاود على أساســها اتصالاتها مع الســلفيين وإشراكهم بصفة غير رسمية في تدبير شـًا من المناورة وحضورًًا من � الحقول الدينية المحلية مما ضمن من جديد لهم هام حيث النشاط الميداني من جديد. خاتمة لقد أتاح لنا تأويل المواقف والســلوكيات والتفاعلات الاجتماعية للســلفية استنتاج عناصر الثقافة السياسية للسلفية مع وصمها بالامتثالية من حيث استنادها إلى المبادئ الأكثر محافظة من الناحية المذهبية والخاضعة بشكل كلي للسلطات السياسية، فرغم التصريح المعلن بالابتعاد عن السياســة فقد كانت، في الواقع، فضاءات تســتوعب يـ ًا كبيــرًًا من الطاقة والحماســة والتفاني التام الذي تقــوم بإفراغه عن طريق � احتياط الإغراق في مظاهر التقوى والعبادة وفي اتجاه مسالم للسلطة، وقد أسهمت السلفية، عبر تنظيماتها، في الحشــد لفائدة الســلطة، وعلى الرغم من توظيفها قاموس ًًا سياسيًًّا حقوقيًًّا بعد التضييق عليها، فإنها لم تبتعد عن معالم الامتثالية، ما دامت السلفية تقدم نفسها على أنها تفسير ممكن لهوية الدولة العقدية والمذهبية وليست خارجة عنها. وبعد أن وجدت امتثالية السلفية تبريرها من داخل القاموس الديني، بدأت تستند إلى خطاب حقوقي سياسي محيل على المظلومية ومطالبًًا بالحقوق في مؤشر دال على . لقد التقط الســلفيون، بحس سياسي، " اتســاع دائرة الدنيوي في خطاب الســلفية " حاجة الدولة إلى خدمات جديدة مطلوبة منها في الآونة الأخيرة وهي حشد الدعم لمشروعها الديني الجديد شريطة عدم الخروج عن القواعد المحققة للأمن الوطني.

Made with FlippingBook Online newsletter