العدد 26 - 1 مايو/أيار 2025

| 120

مــن بين الضرورات المعرفية والعملية لفهــم ديناميكية التفاعلات الصينية-الإفريقية كأحد نماذج شبكة العلاقات والتفاعلات الواسعة والمعقدة للصين عالميًًّا. الإشكالية البحثية بالنظــر لكــون علاقات التعاون بين الصين وإفريقيا، واحدة من بين أهم الأمثلة على قدرة الصين على اختراق مختلف قارات العالم، وإقامة علاقات تعاونية بنََّاءة ومتبادلة المصالح، فإن القيادة الصينية تعتبر ما تحقق من إنجازات في هذه العلاقة واحدًًا من بين أهم نجاحات سياسة الصين الخارجية، وواحدًًا من بين أهم الدلائل على صلابة الرؤية العالمية للصين، التي مك ََّنتها من تخطي الحدود الضيقة المحلية والإقليمية في آســيا، والوصول إلى مجالات تفاعل جغرافيــة أبعد من ذلك بكثير. كما أن إفريقيا تمتلك بدورها من المقومات والإمكانات ما يجعلها واحدة من بين المناطق المعولة عليها من طرف الصين لتحقيق ودعم رؤيتها العالمية المعاصرة. وهذا ما يدفع لطرح الإشــكالية التالية: ما مدى قدرة المنظور العالمي الجديد للصين على تعزيز التعاون مع إفريقيا، في ظل المصالح المتبادلة بين الطرفين؟ عُُرفت الصين عبر تاريخها بكونها ا : سياق تشك ُُّل المنظور العالمي الجديد للصين: أول ًا واحدة من أعرق حضارات العالم، وعبر ذلك المسار الطويل من الفعل الحضاري، قدمت الصين للعالم شــخصيات واختراعات ومفاهيم ومبادئ خالدة، أخذت البُُعد الإنساني والعالمي ولم تبق مقتصرة على التفكير الصيني أو الحياة الصينية فحسب. ) 1945 - 1839 ورغم الانتكاســة التي شــهدتها الصين في ظل ما عُُرف بقرن الذل ( وتداعياتــه الخطيــرة على الصين كأمة وكحضارة وعلى الفرد الصيني، إلا أنها بدأت في استعادة مكانتها وإدراكها لذاتها كقوة حضارية تستحق مكانة أفضل في العالم منذ عهد ماو تســي تونغ، الذي وح ََّد الصين من جديد وخلق لها كيانًًا وهوية سياســيتين ، لتكون تلك بداية الصين الحديثة أو المعاصرة، والتي 1949 معاصرتين بدءًًا من العام ركزت في بداية عودتها على تقديم نفسها دولة نامية من دول العالم الثالث. وإذا كان دينغ شياوبينغ أبا الإصلاح الاقتصادي في الصين، قد ركز على تطوير قدرات الاقتصــاد الصيني ومحاولة الخروج من دائرة الفقر والتخلف، والعمل بهدوء ودون ، " إخفاء القدرات " ضجيج أو تدخل في الصراعات، أو استعراض للقوة، وفقًًا لمبدأ

Made with FlippingBook Online newsletter