| 130
تُُظهر تلك الحقبة صورة إيجابية عن الســلوك الإمبراطوري والعالمي للصين، كقوة مسالمة لم توظف قدراتها العسكرية والمادية لغزو الآخرين أو استعبادهم. ولا يزال مثــل ذلك الانطباع يغذي الإدراك الجيد للأفارقــة للصين كقوة مميزة ومختلفة في سياســاتها وتوجهاتها عن القوى الاســتعمارية الغربية التي احتلتها وسلبت خيراتها، وواصلت تلك السلوكات المقيتة حتى بعد الاستقلال عبر استغلالها لنفوذها وهيمنتها في النظام الدولي، ومسار العولمة الغربي النيوليبرالي الذي تنتهجه ولا يختلف كثيرًًا عن النهج الاستعماري السابق. وقعت الصين ضحية للاستعمار . تشــارك الآلام والمآسي التاريخية الاســتعمارية: 2 الغربي، وتجربة قرن الذل كانت مؤثرة للغاية في المخيال والوعي الجمعي الصيني، لأن الإذلال في العلاقات الدولية، بحسب الباحث الهندي، ديفيش كابور، يرقى إلى مستوى التدهور العام لقوة دولة فاعلة وحرمانها من مكانتها، وترسيخ تسلسل هرمي واضح، وهذا ما عانت منه الصين بالضبط، التي خضعت لســيطرة قوى غربية على ، والتي تخللتها حروب 1949 إلــى 1839 رأســها بريطانيا طيلــة الفترة الممتدة من الأفيــون الأولى والثانيــة، ومعاهدات مجحفة وغير عادلة بحق الصينيين أمام القوى الاســتعمارية الغربية (معاهدة نانجينغ)، ولذلك لا يزال الخطاب السياســي الصيني يوظف تلك الحقبة من تاريخ البلاد لتحقيق التعبئة واســتنهاض المشــاعر القومية، ا ، قال الرئيس الصيني، ففي الذكرى العشــرين لاســتعادة هونغ كونغ من بريطانيا مثلًا " إذلال وحزن " إن تلك الخطوة أنهت ما ألحقته بريطانيا بالصين من " تشي جين بينغ: .) 15 ( "1842 عندما استولت على المدينة عام وانعكس ذلك الماضي الاستعماري على توجهات وعلاقات الصين منذ الأيام الأولى لنشأة جمهورية الصين الشعبية؛ حيث كانت المصالح السياسية هي المرتكز في علاقة بيجيــن بإفريقيا، وفي ســعيها وراء الأصدقاء في النظــام الدولي الثنائي القطب بعد الحرب العالمية الثانية، حددت بيجين الدول المســتقلة حديثًًا في إفريقيا كمجموعة رئيسية يمكن التعاطي معها، اعتمادًًا على أرضية مشتركة وشعور بالتعاطف مع إفريقيا للاســتعمار " نتيجة لتجاربهما التاريخية المشــتركة، فإفريقيا والصين كانتا ضحيتين ، وواجهتا نفس الســعي إلى الاستقلال الوطني " الرأســماليين والإمبرياليين " من قبل .) 16 والتحرر بعد الحرب العالمية الثانية(
Made with FlippingBook Online newsletter