العدد 26 - 1 مايو/أيار 2025

| 142

خاتمة جعلــت عوامل الاعتمــاد المتبادل والمصالــح والحاجات المشــتركة من التعاون الصيني-الإفريقي ضرورة لا غنى عنها للطرفين، لاسيما مع ما يربطهما من علاقات وطيدة تاريخيًًّا وخاصة منذ عهد حركات التحرر الإفريقية التي دعمتها الصين، لتنتقل العلاقــات بين الجانبين نحو آفاق تتخطى الخلفيات السياســية والأيديولوجية، نحو فضــاءات أرحب في المجالات الاقتصادية والتكنولوجيــة والتجارية وحتى الثقافية والشــعبية، لتحصيل منافع متبادلة لكل طــرف في إطار علاقات تريد لها الصين أن ا ًا تكون وفق صيغة الربح المشــترك (رابح-رابح)، وتريد لها إفريقيا أن تكون مدخل لمساعدتها على تحقيق التنمية وتخطي صعوباتها الاقتصادية، ونسج خيوط علاقات مميزة وقوية مع قوة عالمية ينتظر أن تكون قطبًًا رئيسيًًّا في أي نظام متعدد الأقطاب ممكن أن يتشــكل، بل وهناك طموحات صينية أبعد من ذلك تبحث عن منح تلك الحضارة والإمبراطورية العريقة مكانة القوة العظمى بدون منازع. إن الرؤية العالمية التي ما فتئت الصين تؤســس لها عبر رســم عدد من السياســات ووضــع عدد من المشــاريع الكبرى قيد التنفيذ، وصياغة عدد من الســرديات التي تعكــس طموح ووعي القوة الصينية بضرورة منافســة الســرديات الغربية، في إطار ســباق متواصل لكســب معركة المفاهيم والترويج لســردياتها في إطار نظرية إنتاج المعرفــة باعتبــار هذه الأخيرة لا تقل أهمية عن المعــارك المادية، لتبرز لنا مفاهيم صينية تعرف انتشــارًًا متزايدًًا عالميًًّا مثل نموذج السلام التنموي، والتنمية الســلمية، ومجتمع مصير مشــترك للبشرية، ودبلوماســية السلام وإحياء فكرة الحزام والطريق وغيرهــا، وتجــد إفريقيا في ذلك المنظور الصيني ذي الطابع العالمي، فرصة لإعادة ترتيب أولوياتها ورســم سياســاتها وإعادة التموضع ضمن نظــام دولي جديد آخذ في التشــكل تدريجيًًّا، حيث يســود إدراك لدى الأفارقة بأن الصين تمثل واحدًًا من الخيارات الحاســمة والمهمة المطروحة على الســاحة الدولية، والتي يمكن لها أن ا إستراتيجيًًّا عن القوى الغربية التقليدية، التي كان لأغلبها ماض استعماري تكون بديلًا دام ومؤلم تجاه إفريقيا، وسياساتها المتبعة والمفروضة على القارة لم تجلب لها إلا سـ ًا لاستعمار غير تقليدي ومن نوع � مزيدًًا من المآســي والتخلف، لأنها كانت انعكا جديد ولكن نتائجه وتداعياته على القارة كانت واحدة.

Made with FlippingBook Online newsletter