157 |
العلم بأن هذا الرســوخ لا يفيد الغياب التام للمســاءلة أو الاعتراض، أو عدم اهتزاز الثقة، التي قد تتخذ صورًًا متعددة، رمزية ومادية، آنية أو طويلة الأمد. فـ ًا للنظام شــبه الرئاســي، الذي يُُنظر إليه على أنه اختيــار نهائي مقصود، فإن � وخلا الملكية الدســتورية يمكن اعتبارها مجرد محطة عبور نحو الملكية البرلمانية. ولكن مسلسل العبور غالبًًا ما يطول بالمجتمعات، بما فيها تلك التي تُُوصف بالديمقراطيات العريقة. ففي بريطانيا العظمى، على سبيل المثال، ظهر هذا الشكل من الملكية لأول الميثاق " أو " الماغنا كارتا " ) على إثر صدور 1215 مرة في بداية القرن الثالث عشر ( ، وهــي وثيقة فُُرضت على الملك في محاولة للحد من نفوذه، وامتد ذلك " الأعظــم .) 19 حيث تم الانتقال إلى الملكية البرلمانية( 1689 إلى سنة وعلى الرغم من الغموض الذي يكتنف حالة الملكيات العربية، يمكن اعتبار الأنظمة السياســية فــي الأردن والمغرب والكويت ملكيات دســتورية، ما دامت دســاتيرها تنص على توزيع الســلطة التنفيذية بين المؤسســة الملكية ومؤسسة رئيس الحكومة. صحيح أن الممارســة ما زالت تعتريها شــوائب، ربما بفعل الضغوط وتخلي رؤساء الحكومــات طواعيــة أو مكرهين عن جزء من صلاحياتهم الدســتورية، إلا أن هذه الدول اســتطاعت، نظريًّّا، كســر الرتابة السياســية في نظام سياســي له خصوصياته .) 20 التاريخية ونمطه التثقيفي( . تقاسم السلطة في الأنظمة السياسية المزدوجة القائمة على النموذج التوافقي 2 يتميز النظام السياســي المزدوج القائم على النموذج التوافقي بوجود صيغة دستورية لتقاســم الســلطة بالمعنى الواسع، على أســاس نوع من التراضي العام على مبادئ وقواعد اللعبة الديمقراطية. وخالًفًا للنظام الســابق، لا يســتند هذا النظام إلى منطق الأغلبية الحاكمة والأقلية المعارضة، وإنما إلى التوافق والأخذ بأكبر عدد ممكن من )؛ وهو، من ثََم ََّ، يتناسب مع المجتمعات المُُجزأة، أي ذات 21 الآراء ووجهات النظر( ) 22 ( " المجتمعات المزيجة " الانقســامات الدينية أو اللغوية أو الثقافية أو العرقية، أو التي تتعايش مع التقليد، وتطمح من داخله إلى التحديث والتجديد، كما هو الشــأن بالنسبة للمغرب. ويعــود ظهور الإرهاصات الأولــى لهذا النموذج في بعض دول أوروبا الغربية ذات القوميات واللغات المتعددة، مثل بلجيكا وهولندا، مع نهاية القرن التاسع عشر، كرد
Made with FlippingBook Online newsletter