165 |
التعديل الدستوري والاحتجاجات في المغرب إذا عدنــا إلى الحالة المغربية، ســنجد أن عامــل الأزمة كان له دور بارز في تحديد توقيت الإصلاح السياسي الهادف إلى تحقيق التحول نحو الديمقراطية بصفة عامة، بما في ذلك منح مزيد من الصلاحيات لمؤسســة رئيس الحكومة. غير أنه، وبغض النظر عن كون المغرب قد حقق مكاسب وطنية كبرى، كما جاء في خطاب التاسع من مارس/آذار، بفضل إرســاء مفهوم متجدد للسلطة، وإصلاحات وأوراش سياسية وتنموية عميقة، ومصالحات تاريخية رائدة، فإن العلاقة بين إعلان التعديل الدستوري وتصاعد حدة الاحتجاجات، وتطور شعارات المتظاهرين، تبقى قوية وقائمة. لماذا؟ لأن تاريــخ وتوقيــت الخطاب لم يكونا عاديين، كمــا أن قرار الإعلان عن مراجعة الدستور كان استثنائيًّّا، وينذر بوجود طارئ لم يعد بالإمكان تجاهله، ويتطلب احتواءه بالحزم اللازم. ما جاء به الدســتور من تعديلات لم يكن وليد الفراغ، وإنما نتيجة لمخاض عســير فبراير، 20 من الضغط الشــعبي، ورد فعل اســتباقي لسحب البساط من تحت حركة ). ولاســيما أن تقرير 59 والحد من زخمها الاحتجاجي، الذي كان مرشــح ًًا للتطور( " دســترة " مارس/آذار نفســه، لم يوص بـ 9 لجنــة الجهويــة، كمــا جاء في خطاب ا ، بل اكتفى باقتراح إقامتها بقانون، وذلك في أفق إنضاج أصل ًا " الجهويــة المتقدمــة " ظروف دسترتها. ونميل إلى الظن في هذا الاتجاه أن مبادرة الإصلاح الدستوري، بمدلولها السياسي ومحتواها الموضوعي ومقاربتها المنهجية، بمقدار ما كانت محكومة بإكراهات الظرفية السياسية الداخلية والخارجية، كانت خاضعة كذلك لنواميس التحولات المجتمعية، ). تاريخيًًّا، 60 في ترابطها الجدلي مع مقومات وتوازنات البنية الكلية للنظام السياسي( بينما اســتمرت الحركة الوطنية في التشــديد على أن الاشتراك في المسؤولية يفضي إلى اشتراك في اقتسام السلطة بعد الحصول على الاستقلال، اختارت الملكية لنفسها .) 61 منطقًًا آخر، هو منطق الدولة( وفي تعبير عميق، ممزوج بقدر واضح من النقد الذاتي، يقول الملك الراحل الحسن : " ذاكرة ملك " الثاني في
Made with FlippingBook Online newsletter