173 |
وفــي حالة الاختيار المعاكس (صعوبة التحقق من المعلومات التي يقدمها الوكيل)، تُُوصي نظرية الوكالة بأن يقوم الأصيل بعرض مجموعة من العقود المختلفة والمُُعدة سلفًًا على الوكيل. ومن خلال اختيار العقد الذي يتناسب مع تفضيلاته، يكون الوكيل قد كشف ضمنيًّّا عن معلوماته الخاصة للأصيل (مثل مهاراته، وخبراته، وتجربته). من المهم التأكيد على أن اللجوء إلى الحوافز الســلبية، وهي تلك التي تســعى إلى التأثير في سلوك الوكيل من خلال فرض مزيد من القيود أو إقرار قوانين إضافية، قد لا يســاعد في خفض تكاليف الوكالة مقارنة بالحوافز الإيجابية. إذ إن إجبار الوكيل على التصرف بطريقة معينة قد يولِِّد لديه شــعورًًا بالإحباط تجاه المهمة الموكلة له، مما قد يدفعه إما للانسحاب نهائيًّّا من المنظمة أو الاستمرار في أداء مهمته مع تبني سلوك خادع وخفي قد يُُكبِِّد المنظمة تكاليف أعلى. ومن ثََم ََّ، فإن تحييد تكاليف الوكالة تمامًًا يُُعد عملية صعبة، خاصة أن الحوافز تُُعد في حد ذاتها تكاليف. وهنا يبرز دور الجانب الأخلاقي في تحديد تصرفات الوكيل أثناء تنفيذ العقد؛ إذ إن النظام الاقتصادي الذي يكون فيه موقف الوكلاء أقل توجهًًا نحو الانتهازية بسبب القواعد الاجتماعية والثقافية ومنظومة الأفكار، يؤدي عادة إلى .) 81 منحهم فضاء تقديريًّّا أوسع، ومن ثََم إمكانية اتخاذ أنسب القرارات( رابعًًا: مقاربة تقاسم السلطة التنفيذية في المغرب وفق نموذج الأصيل والوكيل تُُمثــل نظرية الوكالة إطارًًا فكريًًّا مناســبًًا لفهم وتفســير ظاهــرة العلاقات التعاقدية " ا أصيل ًا " داخــل جهاز الدولة المغربي، بين المؤسســة الملكية التي تتصرف بصفتها . وتساعد هذه النظرية على " ا وكيل ًا " ، ومؤسسة رئيس الحكومة باعتبارها " ا موكل ًا " أو تحديد العقد الأمثل بين الطرفين، والشروط التي يقوم بموجبها هذا العقد بالمساعدة على تقليل الخلافات والحد من النفقات الاجتماعية. . طبيعة وفرضيات العقد السياسي بين المؤسسة الملكية ومؤسسة رئيس الحكومة 1 التغيير ضمن " اعتمــد المغــرب عنوانًًا بارزًًا في فلســفة البناء الدســتوري، قوامــه ، ويمكن ملامســة ذلك في طبيعة توزيع السلطة ضمن هندسة الوثيقة " الاســتمرارية الدستورية. فمن جهة، لم يحدث تغيير جوهري في مكانة الملك في نص الدستور،
Made with FlippingBook Online newsletter