العدد 26 - 1 مايو/أيار 2025

175 |

• حقه في الإعلان عن حالة الاستثناء، وفقًا للفصل التاسع والخمسين من الدستور الحالي. بوجه عام، لم تمس الهندســة الدستورية الجديدة مكانة الملك وجوهر اختصاصاته، بل على العكس، فقد كرســت التوزيع الســابق مع إدخال بعض التحويرات التي لم تنل من المكانة السامية للملكية في البناء الدستوري العام. وهذا ما يسمح باستنتاج أن المؤسســة الملكية ومؤسسة رئيس الحكومة مرتبطتان بعقد وكالة مركب، ظاهره دستوري صريح، وباطنه ضمني تحكمه الأعراف والتقاليد ومنظومة الأفكار والقيم، " المؤسســات غير الرســمية " ) بـ Douglas North أي ما ســماه دوغلاس نورث ( .) 82 ( ) Informal Institutions ( وعلــى غرار ما جاءت به نظرية الوكالة، يخضع هذا العقد السياســي لمجموعة من الفرضيات التي يمكن تبنِِّيها والانطلاق منها في تفسير إشكالية تقاسم السلطة التنفيذية في المغرب بمختلف تجلياتها: الفرضية الأولى: عدم تماثل المعلومات تمتلك المؤسسة الملكية (الأصيل)، بحكم تجربتها الكبيرة في السلطة وتمكنها من شــبكات واســعة من العلاقات داخل الدولة، معلومات أكثــر دقة وأفضل من تلك المُُتاحة لمؤسسة رئيس الحكومة (الوكيل). كما أن الطرفين قد يفصحان عن بعض معلوماتهما ويخفيان أخرى حسب الحاجة والظرفية. الفرضية الثانية: اختلاف التفضيلات يسعى كل طرف إلى تحقيق مصلحته السياسية، بغض النظر عن المصلحة العليا للبلاد التي يتقاسمها الجميع. فإذا كانت المؤسسة الملكية تصبو إلى ضبط التوازنات وعدم التفريــط في الإرث المخزني، بما في ذلك الشــرعية التاريخية والدينية المتمثلة في البيعة وإمارة المؤمنين، فإن مؤسسة رئيس الحكومة تسعى إلى الحفاظ على قاعدتها الانتخابية، بل وتوسيعها من خلال إرسال إشارات مطمئنة وتنفيذ بعض الوعود، دون الدخول في تصادم مع الملك أو باقي مكونات المؤسسة الملكية.

Made with FlippingBook Online newsletter