العدد 26 - 1 مايو/أيار 2025

23 |

التطبيع انطباعًًا زائفًًا لحلفاء الأسد بأن الوضع الداخلي في سوريا مستقر نسبيًًا، مما شجعهم على تقليل اهتمامهم بالوضع السوري والتركيز على ملفات إقليمية ودولية أخرى مثل الأزمة في أوكرانيا والصراع مع إســرائيل. وعليه، يمكن القول إن نجاح المعارضة السورية في استغلال التوقيت الملائم وتنفيذ هجوم سريع وفعّّال أدى إلى انهيار معنوي وعســكري ســريع لقوات النظام، وقََطََع الطريق أمام الدعم الخارجي المحتمل. ثالثا: إعادة تشكيل موازين القوى إقليميًّّا أدى ســقوط نظام الأســد إلى تحوّّل ســريع في موازين القوى في الإقليم، ويمكن تصنيــف وضع الــدول إزاء هذا الحدث إلى أربع فئات علــى الأقل: دول منتصرة ومســتفيدة، دول منهزمة ومتضررة، دول مترقّّبــة، ودول متحوّّلة. برزت تركيا وقطر كدول مستفيدة في هذا الصراع، وكلتاهما دعمت الثورة السورية والمعارضة السورية بأشــكال مختلفة طيلة فترة الصراع، حتى في الوقت الذي ســاد فيه تصوّّر بأن نظام الأسد كاد ينتصر. احتفظت تركيا بعلاقة متعددة المســتويات مع جماعات المعارضة الســورية، ومنها ردع " هيئة تحرير الشــام. وبغض النظر عن طبيعة الدور التركي وحجمه في عملية ، فإن تركيا بدت بوصفها أكبر المســتفيدين، فهي مــن ناحية بلغت بداية " العــدوان الطريق لإنهاء مشــكلة اللاجئين الســوريين، وتخلصت لأول مرة منذ عدة عقود من تهديدات جدية شارك فيها أو دعمها نظام الأسد ضد أمنها القومي المتعلق بسوريا، ومن بين ذلك مشكلة كيان الأمر الواقع الكردي في شمال شرق سوريا. لقد حدث تحول كامل من العداء مع نظام الأسد إلى الشراكة مع الإدارة السورية الجديدة، وقد ترافق ذلك طبعا مع إنهاء النفوذ الإيراني، وإضعاف النفوذ الروسي وربما خروجه من البلاد، بالإضافة إلى التمهيد لخروج القوات الأميركية من ســوريا. إخراج اللاعبين الثلاثة الأكثر ثقلا من الناحية العسكرية في سوريا، يتيح المجال لصعود النفوذ التركي بشــكل غير مســبوق. على أن هذه الاستفادة من التحوّّلات التي رافقت انهيار نظام الأسد موقوفة على استقرار الوضع السوري وتطوّّره باتجاه إيجابي، كما سيتم نقاشه لاحقا ًً.

Made with FlippingBook Online newsletter