العدد 26 - 1 مايو/أيار 2025

27 |

رابعا: الأمن الإقليمي وإعادة رسم التحالفات القائمة أدى ســقوط نظام الأسد إلى إحداث تحولات في تحالفات سابقة، وإنهاء تحالفات قائمة، وتمتين تحالفات ناشئة، وتعزيز الفرص لقيام تحالفات جديدة. ولعل من أبرز نتائج إخراج نظام الأســد من المشــهد في ســوريا والإقليم، إنهاء التحالف الأطول والأكثر اســتمرارية واســتقرارا في الشــرق الأوســط لما يقارب النصف قرن، وهو ). لقد استطاع هذا التحالف، على مر العقود، تجاوز 34 التحالف بين إيران وسوريا( العديد من العقبات والأزمات، كما استطاع تحمّّل الضغوط الإقليمية والدولية لاسيما من قبل دول الخليج والولايات المتّّحدة، لكن مع رحيل نظام الأسد وصعود إدارة سورية جديدة تتبنى نظرة سلبية تجاه إيران باعتبارها سببا رئيسيا في تدمير البلاد وبقاء النظام في السلطة لأكثر من عقد، أصبح هذا التحالف في حكم المنتهي. أســفرت الإطاحة بنظام الأســد كذلك عن تقويض إســتراتيجية إيران في المنطقة، المعروفة بعقيدة الدفاع المتقدم، حيث كانت سوريا تمثل منصة انطلاق رئيسية لنفوذ إيران، خاصة تجاه لبنان وشرق البحر المتوسط، وتمكنت إيران من خلاله من دعم حــزب اللــه، الذي اعتُُبر في مرحلة من المراحل أحد أكبر إنجازات إيران الإقليمية. ومع انهيار نظام الأســد والضربة التي تلقاها حزب الله في لبنان من قبل إســرائيل، يكون المحور الشــيعي بقيادة إيران والذي يضم العراق وســوريا ولبنان واليمن، قد تفكّّك بشكل كبير على المستوى الجغرافي والسياسي والمالي والعسكري، مما يدفع باتجاه إعادة تشكيل العلاقات بين هذه الدول على أسس جديدة تتماشى مع تراجع دور ونفوذ وقوة إيران الإقليمية. وبموازاة ذلك، يبدو أن التحالف الإيراني-الروســي الذي كان قائما في ســوريا قد تفكك مع اتجاه موسكو إلى اعتماد إستراتيجية مختلفة خلال المرحلة الحالية، تحاول من خلالها الحفاظ على ما تبقى لها من نفوذ في سوريا عبر الاعتراف بالوضع القائم، ومحاولة بناء الجسور مع الحكومة السورية الجديدة، وعرض إمكانية المساعدة بناء على المصالح المشــتركة، وهو ما قد يتوافق مع طريقة تعامل الحكومة الجديدة مع موســكو بالمقارنة مع طريقة تعاملها مــع طهران والتي بدت أكثر حدّّة وحزما لعدة أسباب.

Made with FlippingBook Online newsletter