| 32
بناء المؤسســات السورية وإعادة إعمار البلاد، مقابل تعزيز مصالحها وتوجهاتها، لا ســيما من الناحية السياســية والاقتصادية والأمنيّّة. وهذا يعنــي أن المصالح الغربية ستطغى على مصالح روسيا والصين في سوريا المستقرة، لكن محاولة عزل الدولتين الكبريين، خاصة روسيا، قد تدفعها إلى معسكر تقاطع المصالح مع إيران وإسرائيل على المســتوى الإقليمي. ولذلك، فإن دواعي الاســتقرار ستتطلب نوعا من التوازن في العلاقات بين روسيا والصين وبين الغرب، أو على الأقل إبقاء العلاقة قائمة مع الدولتين بمستوى جيد لاستغلالها لاحقا في إحداث توازن مع المعسكر الغربي. (ب) سوريا دولة فاشلة في سيناريو آخر، تفشل الحكومة السورية الجديدة في الانتقال بشكل صحيح بالبلاد إلى مســتوى يؤمّّن الاستقرار النسبي، وذلك لعوامل داخلية و/أو خارجية. من أبرز هذه العوامل في هذا الســيناريو عدم القدرة علــى تأمين الوضع الاقتصادي المُُلح، وعدم توافر الموارد اللازمة لصرف رواتب موظفي الدولة، وارتفاع التضخم، وعدم قــدرة الدول الحليفة والصديقة على تحويل وعودها إلى واقع، وبقاء العقوبات إلى حد كبير واســتخدامها كأداة ابتزاز لإعادة تشــكيل الوضع السوري غربياًً، بالإضافة إلى استمرار التحريض الطائفي والعرقي من قبل إيران وإسرائيل والولايات المتحدة وروســيا ودعوة الأقليات في الشــمال والجنوب (العلويــة والكردية والدرزية) إلى الاســتقلال عن السلطة المركزية، وعدم قدرة الأخيرة على بسط سلطتها على كامل الأراضي الســورية نظرا لهذه العوامل، بالإضافة إلى اســتمرار إســرائيل في قصف القدرات العسكرية السورية للتأكد من عدم قدرة الحكومة على السيطرة على كامل الأراضي السورية. وينعكــس الوضــع الاقتصادي المتردّّي وعدم قدرة الحكومة على بســط ســيطرتها ومقاومة التدخلات الخارجية؛ على الوضع السياسي، وتاليا على الوضع الأمني في البلاد، بحيث يصبح من الصعب السيطرة على الأوضاع الأمنيّّة، لا سيما في مناطق الأطــراف، مع تزايــد المطالب المتعلقة باقتطاع ثروات من مــوارد البلاد للأقليات الطائفية والإثنية، فيؤدي استفزاز الأقلّّية المدعومة من الخارج إلى استنفار الأغلبية، مما يُُطلق موجات من العنف والتطرف.
Made with FlippingBook Online newsletter