| 34
من الناحية الاقتصادية، يقطع هذا الســيناريو صلة الوصل الجغرافية البريّّة بين تركيا وبلاد الشام ودول الخليج، وهو ما يعني أن المشاريع الاقتصادية الكبرى والممرات التجارية ومشــاريع البنى التحتيّّة ستصبح في مهب الريح، كما أن الوضع الأمني في ســوريا، لا ســيما لناحية عدم الاســتقرار وعودة النفوذ الإيراني وصعود الأقليّّات والتطرّّف، ســيقوّّض وضع العراق ودور ونفوذ أنقرة فيه، وهذا الأمر ســيهدد بدوره العلاقــات التركية-العراقية ومشــروع طريق التنمية الــذي يضم تركيا والعراق وقطر والإمارات ويهدف إلى وصل الخليج العربي بأوروبا عبر العراق وتركيا، وتم المضي . 2024 فيه قدما في العام وفي مثل هذا الســيناريو حيث تســود سوريا كدولة فاشلة، ويتم تقويض موقع ودور ومصالح تركيا، كما يجري تمهيد الطريق لعودة التدخل الأميركي والروســي، ويتم دعم أجندة الأقليات، فإن اليد العليا على المستوى الإقليمي ستعود لإسرائيل، شريطة أن تكون حالة الفوضى مُُقيّّدة وليســت منفلتة كي لا تتعرّّض إســرائيل لأي مخاطر مــن تنظيمــات تصنّّفها على أنها تنظيمات راديكالية أو إرهابيّّة. كما أن توازن القوى الإقليمي ســينتقل من الدول ذات الأغلبية الســنيّّة في المنطقة إلى الدول التي تمثّّل الأقليات الدينية أو الطائفية أو العرقية في المنطقة. وستحاول إسرائيل الحفاظ على الوضع القائم حينها، مع استغلال الأوضاع للدفع باتجاه المزيد من التطبيع مع الدول العربية من موقع القوّّة. فدول الخليج العربي ستكون منقسمة في هذا السيناريو إلى دول تريد أن تتحض ّّر لصعود إيران مجددا بتقارب أكبر مع إسرائيل، ودول تريد تفادي ســيناريو أن تكون عالقة بين خياري إيران وإســرائيل فتتّّجه إلى تمتين علاقاتها مع تركيــا أو أميــركا أو ربما باتجاه تنويع التحالفات مع علاقات أقوى مع دول أوروبية أو الصين. (ج) سوريا دولة دكتاتورية يأتي هذا السيناريو وسط ًًا بين السيناريو الأول والثاني، ويقوم على فكرة أنّّه مع الفشل في تحقيق السناريو الأوّّل لأسباب عديدة داخلية وخارجية، فإن الخوف من الاتجاه إلى الســيناريو الثاني يفرض أن يتم حكم البلاد بقبضة حديديّّة. تفســير هذا الاتجاه يعني أن شرعيّّة الحكم ستأتي من خلال القوّّة القاهرة، لا من خلال مصادر أخرى.
Made with FlippingBook Online newsletter