37 |
خاتمة تؤكد السيناريوهات التي تم تحليلها أن التحوّّل الذي تشهده سوريا في مرحلة ما بعد نظام الأســد، يمثل لحظة مفصليّّة تعيد تشكيل الجغرافيا السياسية الإقليمية وموازين القوى وترتيب التحالفات الإســتراتيجية في الشــرق الأوسط. وبدلا من التنبؤ بنتائج محددة في هذا الإطار، ناقشــت الورقة الطبيعة المحتملة للمسار السياسي السوري، والتداعيات الإســتراتيجية التي ســتنجم عنه، بالإضافة إلى الانعكاســات الإقليمية المرتبطة به بعمق، لا ســيما فيما يتعلق بالديناميكيات الإقليمية الأوســع، وأجندات القوى الإقليمية والدولية. ولذلك، فإن إعادة بناء البنية السياســية والاقتصادية والأمنيّّة والاجتماعية لسوريا لن تؤثر فقط على استقرارها الداخلي، بل ستؤثر بشكل كبير على منطقة الشرق الأوسط بأكملها، وتعيد تشكيل موازين القوى، وربما تعيد تعريف محاور التحالفات، وتؤثر على الحسابات الإستراتيجية للأطراف الخارجية. مــن الناحية الإســتراتيجية، قد تؤدي النتائج في ســوريا إلــى تحولات جوهرية في التوازنــات الإقليمية، خاصة فيمــا يتعلق بتصاعد نفوذ تركيا الإقليمي، وتحديد نفوذ إيران الإقليمي، وإعادة رسم أدوار دول الخليج، وبالأخص السعودية وقطر، بالإضافة طبعا إلى إعادة تعريف التأثير الغربي والنفوذ الروسي في ظل اقتناص إسرائيل للفرص ومحاولات التأثير على جهود إعادة تشــكيل ســوريا المســتقبل، وما يرتبط بها من تحوّّلات إقليمية. ظهور سوريا مستقرة يمكن أن يعزز محورا يمتد من تركيا إلى الخليج مرورا بالأردن وســوريا، ويقوي التماســك العربي، بينما قد يؤدي فشــل الدولة إلى إعادة إشعال طموحــات إيران وتعزيز نفوذ إســرائيل. إضافة إلى ذلــك، قد تؤدي التحولات في التحالفات إلى ظهور اصطفافات غير تقليدية، حيث تحاول الدول التكيّّف مع حالة عدم اليقين، مما يؤدي ربما إلى تقاطع مصالح بين أطراف كانت تاريخيا متعارضة. وبالتالي، فإن استقرار المنطقة يعتمد على التفاعل بين هذه الاصطفافات الإستراتيجية واستعداد الفاعلين الدوليين إما لتعزيز أطر التعاون أو استغلال الانقسامات.
Made with FlippingBook Online newsletter