العدد 26 - 1 مايو/أيار 2025

79 |

الخدمــات، وتخلق بيئة حضرية مســتدامة تدعم الاقتصاد المحلي، وتحســن جودة الحيــاة. إن تطبيــق نمــوذج تخطيط إقليمي يأخــذ بعين الاعتبار التنــوع الجغرافي والاقتصادي لسوريا، ويعمل على تحقيق تكامل بين الأقاليم المختلفة، قد يكون أحد المفاتيح الأساسية لتحقيق تنمية متوازنة، تمنع تركز الاستثمارات في بعض المناطق على حساب أخرى، وتسهم في خلق فرص اقتصادية متكافئة لجميع السوريين. كما أن الاستثمار في رأس المال البشري من خلال إصلاح قطاع التعليم والتدريب المهني يعد ضرورة لتحقيق تنمية مســتدامة، حيث إن إعادة بناء الاقتصاد لن تكون ممكنــة دون وجود كفاءات مؤهلة في مختلــف المجالات، قادرة على قيادة عملية الإعمار، والمشــاركة في إدارة المشــاريع التنمويــة. إن إصلاح التعليم ليتوافق مع احتياجات السوق، وإدخال تقنيات حديثة في التدريب المهني، وإعادة ربط الجامعات بمؤسســات الإنتاج، ســيكون له دور حاسم في تســريع عملية التعافي الاقتصادي، وتقليل معدلات البطالة بين الشباب. إلى جانب ذلك، فإن ســوريا تمتلك فرص ًًا واعدة في مجالات مثل السياحة، خاصة مــع وجــود مواقع أثرية فريدة، ومناخ متنوع، وبنية ثقافية غنية يمكن اســتثمارها في تنشــيط الســياحة الداخلية والدولية؛ ما يسهم في توفير مصادر دخل إضافية، وخلق فــرص عمل فــي قطاع الخدمات. كما أن التطورات التي شــهدها قطاع الصناعات العســكرية خلال الحــرب يمكن توجيهها نحو إنتــاج تقنيات دفاعية متطورة، تحقق .) 41 مكاسب اقتصادية للدولة، وتسهم في تعزيز الأمن الوطني( إن إعادة إعمار سوريا بعد الحرب لا تعني فقط إعادة بناء ما تهدم، بل تمثل فرصة فريدة لإعادة هيكلة الاقتصاد بطريقة أكثر اســتدامة، والتخلص من التشــوهات التي عانى منها الاقتصاد الســوري لعقود، ســواء من حيث ســيطرة الدولة على الأنشطة الاقتصادية، أو تفشي الفساد، أو انعدام الشفافية. ومن هنا، فإن المرحلة القادمة يجب أن تركز على تبني سياسات تنموية تعتمد على التخطيط الإستراتيجي، والاستفادة من الموارد المتاحة بطريقة أكثر كفاءة، مع تعزيز الإصلاحات القانونية والإدارية لضمان بيئة استثمارية مستقرة، قادرة على جذب رؤوس الأموال، وتحفيز النشاط الاقتصادي. في النهاية، يمكن القول: إن نجاح سوريا في تجاوز التحديات الاقتصادية بعد انهيار نظام الأسد، وتحقيق إعادة إعمار فاعلة، مرهون بمدى قدرتها على تنفيذ إصلاحات شاملة في مختلف المجالات، تبدأ بإعادة هيكلة مؤسسات الدولة، وتعزيز الحوكمة

Made with FlippingBook Online newsletter