وهم مســتعدون للحديث أمام كل الميكرفونات. وفي ســبيل ذلك قد يقترحون قصة ظاهرها مثير الهتمام الصحافيين، وهنا يجب الحذر، فالصحافيون الواقعون تحت ضغط نشرات األخبار ومطالب الجدة والجودة قد يستسلمون لهذا اإلغراء. كانت الســاعة تشــير إلى العاشرة صباحا عندما رأيت صحافيا في مؤسسة تلفزيونة عريقة يصور مع من ســأعرف فيما بعد أن اســمه جيمس. شاب أشقر في العشــرينيات بمالمح صارمة وغاضبة ومالبس عســكرية وبحقيبة ظهر كبيرة يتحدث إلى الصحافيين بحماسة وغضب. أثارني الموقف، فتحدثت إلى الشاب بعد نهاية مقابلته الصحافية، فعلمت منــه أنه ذاهب إلى القتال فــي أوكرانيا، وأنه ال يقبل بأن يبقى في المعبر ينتظر الالجئين في حين يموت الناس على الجانب اآلخر من الحدود. ودار الحديث التالي: – هل تواصلت مع جهة ما لالتحاق بالمتطوعين؟ – ال .. ليس بعد.. – هل لديك وجهة محددة؟ – سأعبر الحدود ومن ثم أرى... كان واضحا من خالل إجاباته أن قصته غير متماســكة، خاصة أني أعرف أن مسألة المتطوعين تدار بشكل مختلف من قِبَل وحدة عسكرية خاصة وليست بهذه الطريقة االستعراضية أمام الكاميرات. بعد انتهاء مقابلتي معه. تابعته خفية ألرى ما إذا كان سيعبر الحدود فعال. وكما توقعت. اختفى بين الحشــود وجلس يحتسي مشروبا غازيا. قبل أن يعود أدراجه. أما المعبر فقد بقي على حاله... لكن كل شيء فيه كان يشير إلى أن رحلة اللجوء هذه قد تكون هي األقل مأساوية في تاريخ الهجرات الكبرى. ليس تقليال من مأساة من هجروا أرضهم... ولكن األشياء بأضدادها تُعرف.
106
Made with FlippingBook Online newsletter