كان الفندق قريبا من وزارة الخارجية، ومن البرلمان، وقصر مارينسكي التاريخي الذي يســتقبل فيه الرئيس فولوديمير زيلنسكي ضيوفه من الرؤساء والمسؤولين الدولييــن، وقرب هذه األماكن من مكان إقامتنا يعني أننا نســتطيع التوجه إليها مشــيًّا علــى األقــدام، وهذه نعمة حقيقيــة بالنظر إلى االزدحــام المروري في العاصمة أحيانا، ولكنه في نفس الوقت كان نقمة بالنســبة لألوزان الثقيلة التي كنــا نحملهــا معنا، أو نجرها خلفنا من الكاميرا إلــى جهاز البث وملحقاتهما، إضافة إلى مستلزمات اإلضاءة. وغالبا ما كان علينا التوجه يوميا إلى أحد تلك األماكــن، إذ لم تنقطع يوما زيارة المســؤولين األوروبييــن وغيرهم من القادة الغربييــن لكييف، وفي اليوم الواحد كنا نتحدث أحيانا في النشــرات اإلخبارية عن عدة زيارات.. أذكر من هؤالء نوابا وأعضاء في المجلس األوروبي، ووزراء خارجية معظم الدول األوروبية، فضال عن رؤساء وزراء مثل: البريطاني بوريس جونســون، والهولندي مارك روته، والمستشار األلماني أوالف شولتز، ورؤساء فرنسا وتركيا وبولندا وغيرهم. لــم أر خالل عملي الصحفي زيارات دبلوماســية -بهذا الكم والتوقيت- لعاصمة واحدة كما رأيت في كييف. كان األوروبيون يحملون رســائل متشابهة خــ ل زياراتهــم تلك؛ وهي دعم كييف ضد تهديدات موســكو. بعض هؤالء الــزوار كان يخصــص يوما من زيارته للتوجه إلى شــرق أوكرانيا وتحديدا إلى منطقة دونباس. لقد كانت الصورة التي حاول األوروبيون رسمها بزياراتهم تلك ، وإن الناظر إلى هذه الصــورة ربما اعتقد أنه إذا " الدعم " تعنــي بكلمــة واحدة هاجمت موســكو كييف فإنها ستجد جيوشــا أوروبية عدة في مواجهتها، وهذا االعتقاد وإن كان مبالغا فيه واقعيا، فإنه يصف حجم رســائل الدعم التي قدمها األوروبيون إلى كييف. أثارت هذه الزيارات المكثفة، والوعود األوروبية بدعم واســع لألوكرانيين تســاؤالت عدة عما إذا كان هذا الدعم سيكون حقيقيا، إذا وقعت الحرب فعال ودخلت القوات الروسية إلى األراضي األوكرانية. كان واضحا أن األوكرانيين يحصلون على معلومات اســتخبارية تؤكد هذا الهجوم، وفي الوقت نفســه كانوا ينظرون بعين الريبة إلى تأكيد موسكو أنها لن
21
Made with FlippingBook Online newsletter