تقدم الروس واالنفصاليون في جبهات الجنوب، وبعد أقل من أســبوعين سيطروا على عشرات القرى وحاصروا مدينة فولنوفاخا، ثالثة المدن الكبرى في مقاطعة دونيتســك، فتوجهنا إلى محيط تلك المدينة لنقل أوضاع الجبهة القريبة منها، وتحديدا إلى بلدة بوغاس التي سيطر عليها االنفصاليون، واتخذوها مركزا ميدانيا لعملياتهم باتجاه فولنوفاخا. بوغــاس بلــدة يقطنها مزارعون يونانيون هاجر أســ فهم إلى المنطقة في بدايات القرن العشــرين، وفوجئنا عند دخولنا إلى البلدة بأنه لم تصب مرافقَها أي طلقــة، فقــد كانت األوضاع في البلدة طبيعية رغم أنها تقع على خط النار، ورأينا بعض ســكانها، من أحفاد المزارعين اليونانيين، يتجمعون قرب كنيســة وســط البلدة وكأنهم على يقين من أنه لن يتجرأ أحد من الجانبين على إطالق قذيفة واحدة اتجاههم، وعلمنا فيما بعد أن البلدة سُــلِّمت دون قتال، لحرص الجانبين األوكراني واالنفصالي، على تفادي المس بالمكون اليوناني في المنطقة تجنبا إلشعال نعرات عرقية هما في غنى عنها. لقد عشنا في الطريق إلى بوغاس أصعب لحظات التغطية وأكثرها خطورة على اإلطالق، ففي الطريق إلى هذه البلدة عبرنا خط الجبهة مرتين، مرة عبر بلدة حدودية يطلق عليها دوكاتشايفسك، ومرة قرب بلدة نيكوالييفكا، وما إن اقتربنا من بلدة دوكاتشايفسك حتى تعرضت لقصف بصواريخ غراد دفعنا للتوقف إلى حين انتهاء القصف واتضاح المشهد، وبعد نحو ربع ساعة قرر المرافق العسكري أن نكمل الطريق، الذي يمر من وســط الجبهة، وما إن اجتزنا بلدة نيكواليفكا حتى شن الجيش األوكراني قصفا عنيفا آخر حال بيننا وبين قذائفه بضع عشرات من األمتار، مما دفعنا إلى التوقف والنزول من السيارات واالنبطاح على األرض دقائق قبل إكمال الطريق، وقد ألحق هذا القصف أضرارا بالطريق التي 10 نحو عبرناها، تبيناه مندهشين من حجمه وخطورته حين عودتنا من نفس الطريق بعد االنتهاء من تقرير أعددناه من بلدة بوغاس. لقد مهدت الســيطرة علــى فولنوفاخا الطريق أمــام االنفصاليين والقوات الروسية للتقدم نحو مدينة ماريوبول على بحر آزوف، فأحكمت القوات الروسية ألف نسمة، قبل التقدم ببطء 400 طوقا عسكريا حول المدينة التي يقطنها نحو
37
Made with FlippingBook Online newsletter