تغطية الجزيرة للحرب الروسية الأوكرانية

باستعمال السالح النووي في المواجهة بين حلف الناتو وحلف وارسو، فال أحد اليوم يرغب في ذلك على األرض األوكرانية، والكل على هذه البقعة يبحث عن البقاء على قيد الحياة رغم أن الحرب حولت حياتهم إلى جحيم، فالبياض الذي يطبع أطفال ماريوبول ضاع أمام سواد الدخان المتصاعد جرَّاء القتال الدائر في المدينة، وأمام األوساخ التي وجدت طريقها إليهم بعد أن فقدت المدينة منابع مائها ومصادر غازها وطاقتها. يغادر األطفال الســيارة على عجل باتجاه أصــوات آبائهم المتصاعدة من جهة المنزل الذي يقطنون فيه، فلم يألفوا بعد وجود وجوه غريبة تحل في هذا الوقت العصيب بمدينتهم التي انعدمت فيها مرافق الحياة. هناك من الساكنة من يتلمس في وجودنا حال ولو بسيطا لمشاكلهم؛ امرأة مســنّة تقترب منا لتســألنا هل نحمل معنا ما يذهب عنها شبح الجوع الذي بدأ يحاصر المدينة؟ ورجل هرم يطلب سيجارة. غادرنا هذا الحي المنكوب فإذا بنا ندخل فجأة في ساحة ال يزال القتال فيها مســتمرا. تحاول القوات الروســية واالنفصاليون السيطرة على وسط ماريوبول، متر عن تلك المعارك وجدنا أنفســنا على مقربة 500 وعلى مســافة ال تتجاوز من أماكن إطالق النار، ما يفصلنا عنها ســوى منازل غادرها أهلها. تســللنا إلى المكان بعد أن استطعنا اإلفالت من أعين قوات تابعة لالنفصاليين كانت تراقب المكان عن بعد، فالحس الصحفي والبحث عن الحقيقة يدفعانك للمغامرة ولو للحظــات تصل بك أحيانا إلى حافــة الموت لكن حذار أن تغرق في المغامرة فتصل فعال إلى الموت، فنهايتك في هذا المكان قد تكون برصاصة طائشــة أو رصاصــة قنــاص يهوى القتل عن بعد، ففي زمن الحرب يدخل في دائرة العدو كل من وُجد على الطرف اآلخر. كان همنا في المقام األول نقل الصورة كما رأيناها بعيدا عن أي مؤثرات عاطفية أو شحنات سياسية. ما رأيناه في ميدان القتال بماريوبول هو تقدم القوات الروسية واالنفصاليين على حساب القوات األوكرانية. كنا ننقل ما يجري ملتزمين بما تعلمناه من إجراءات أمن وسالمة الصحفيين أثناء تغطية الحروب: ال تتحرك في الفضاءات المفتوحة، حاول االحتماء بأسوار

46

Made with FlippingBook Online newsletter