تغطية الجزيرة للحرب الروسية الأوكرانية

الطرق ويقتلعون األشجار في نابلس. لطالمــا حملــت وطني معي مذ غادرت فلســطين، وأدركت أن الناس ال يعرفــون عــن حياتنا في ظل االحتالل كثيرا، فكنــت أقص عليهم حكايات من يومياتنــا، كل يقــاوم المحتل على طريقته، وهذه طريقتي؛ أن أحمل قصة وطني أينما ذهبت. أتتنــي مربية ونحن نهم بمغادرة الحديقــة فذرفت الكثير من الدموع على الحيوانات التي نفقت بســبب القصف. طلبــت من المترجم أن يقترب ثم قال لي: تريد أن تسألك؛ كيف هو شعورك وأنت ترين الحيوانات مقتولة والحديقة مدمرة؟ قلت له أخبرها بأن الحرب محزنة أينما حلت. كنت أود أن أروي لها ما حل بالعراق واليمن وسوريا... كنت أود أن أسرد على مســامعها بعضا مما عايشــت تفاصيله وأنا طفلة أثناء االجتياح اإلسرائيلي للمدن الفلسطينية في االنتفاضة الثانية. بدأ المشــهد عند ضفة النهر يتغير؛ نتبادل الحديث فيما بيننا ونحلل ما إذا كانت القوة التي تحتجزنا روسية أم أوكرانية؟ كل واحد منا يرسم سيناريو وفق تحليله الخاص. ثم قرر الســائق أن يســأل الجنود بشكل مباشر: هل هم روس أم أوكرانيون؟ لكن السؤال أعجب الجنود لدرجة القهقهة.. ثم جاء رد السؤال إلينا: هل أنتم روس أم أوكرانيون؟ وبقينا ســاعات أخرى معلقين ال نعرف من هم على وجه الدقة. طال االنتظار.. كان عقلي مثل خالط يأتي باألفكار من كل مكان، االعتقال، االغتصاب، التعذيب، إلقاء جثثنا في النهر... شــيء واحد كان ينتشلني من كل الســيناريوهات المأساوية في الحرب؛ يقين في أعماقي يهتف بي قائال: إن الله لن يخذلنا ونحن صيام، ولن يكسر أمي وهي على سرير المستشفى تقاوم ذلك الخبيث. أدركنا أن أمرا ما يدور خلفنا بعد أن شاهدنا الجنود يتبادلون المنظار لمراقبة شيء ال نراه. هل نحن على خط إطالق نار؟ هل سيندلع اشتباك ونعلق هنا دون أن نتبين من هم القادمون من الخلف ومن هم أمامنا؟ وضعــت الخطة في ذهني إذا أطلقت النيران من الجهة الخلفية.. ســوف

68

Made with FlippingBook Online newsletter