تغطية الجزيرة للحرب الروسية الأوكرانية

ثــم انطلقنا إلى الحدود، وبدأت أســمع منهــا ما تعرفه من الداخل عن الحرب وظــروف أهلهــا ومعارفها في أوكرانيا، وبعد صعوبات كثيرة ومرورنا بمحطات اســتقبال الالجئيــن ورؤيــة اآلالف منهم في ظروف شــديدة الصعوبة، بمراكز اإليواء، مشاهد ذكرتني بمثيالتها في عالمنا العربي الذي عانى أهله في كثير من البلدان آالم التهجير. بعد أن قطعنا الحدود ســيرًا على األقدام عكس االتجاه في رحلة شــاقة ساعة، وصلنا إلى لفيف، وقبل أن نضع حقائبنا، توجهنا مع ماريا 12 استغرقت إلتمــام اللقــاء الموعود، وبالفعل تمكنت من احتضــان طفلتها في لحظة مليئة بالمشاعر اإلنسانية بعيدًا عن كل تفاصيل السياسة، لحظة وثقتها عدستنا وقلوبنا! طوت ماريا صفحة من ســجل صعوبات هذه الحرب، وفتحت صفحة جديدة، بتوجهها مجددًا نحو الحدود إلخراج ابنتها ســريعًا من أوكرانيا، وختمنا تقريرنا بتوجه الوالد إلى كييف للمشاركة في معارك الحرب التي ما زالت في بدايتها.. وبقينا نحن نغطي بقيّة فصولها! في لفيف.. على مدار الســاعة قمنا في المدينة، التــي أصبحت قبلة النازحين الفارين من المعارك المشــتعلة في محيط العاصمة ومدن الشــرق والجنوب األوكراني، بتغطيــة أخبار أولئك النازحين ورواية قصصهم المختلفة بتفاصيلها الكثيرة التي ال يتسع المقام للحديث عنها جميعا.. عشرات اآلالف كانوا يتدفقون يوميا إلى محطة القطار جلّهم أطفال ونساء. هناك صعوبات في استقبالهم وتأمين مساكن لهم وتقديم المســاعدات الالزمة واجهتها الســلطات في األيام األولى، وهناك قرب المحطة قضينا معظم أوقاتنا، إلى أن قررنا، بعدما رأينا من قصص كثيرة، نقل التجربة للمشــاهد بواقعية! وكيف يكون ذلك إن لم ننقل له الصورة ليس مــن خارج محطة القطار بل من داخله وفــي مقصوراته الممتلئة! فقررنا قضاء يوم كامل داخل المحطة نستعرض جانبا من قصص الواصلين إليها، ثم نستقل القطار مع إحدى العائالت القادمة من بعيد، ونمضي معها في رحلتها إلى خارج الحدود لتصل إلى بر األمان بالنسبة لها! نعم.. إلى تلك الحدود مجددًا بعدما وصلنا إليها قبل أيام قليلة فقط، فهذا

75

Made with FlippingBook Online newsletter