تغطية الجزيرة للحرب الروسية الأوكرانية

قبل أن نجد ألنفسنا فندقا أقمنا فيه حتى الصباح. تابعنــا التغطية في اليوم التالي، وكنا نتشــاور حول المكان الذي علينا أن نتخــذه موطئ قدم للتغطية، فكانت الحيرة بين خاركيف وأوديســا، على اعتبار أن دينبرو لما يصبها الكثير في تلك الســاعات، لكن رأي إدارة التخطيط حينها استقر على أن نعود أدراجنا إلى العاصمة التي فُتحت عليها جبهات شتى، وخيرا فعلنا؛ فقد كانت الساعات التالية أشد وطأة على العاصمة من اليوم األول. وصلنا قبيل منتصف الليل إلى محطة القطارات، وكانت أصوات االنفجارات تتوالى من كل صوب، وهناك حظر تجول قد طُبِّق ابتداء من الساعة الثامنة مساءً، وكان الجميع قد اتخذ من المحطة مكانا ينتظر فيه الصباح. ومذ أن حطت أقدامنا في محطة القطار شرعنا في الظهور في المداخالت، وبالرغم من أننا استأذنا من القائمين على شؤون المحطة في الظهور من داخلها فإن رجل شرطة -ربما كان يواجه ليلة عصيبة- قاطعنا أثناء البث، وحاول منعنا من المتابعة، قبل أن يعود ويعتذر منا. فــي ذلك اليوم ظهرنا فــي مداخالت متواصلة منــذ منتصف النهار حتى الساعة السابعة مساءً، ورصدنا في تلك الساعات ونحن نبث من الشارع طائرات مســيرة وأخرى نفاثة روســية فوق المدينة، وكانت درجة الحرارة قد تجاوزت عشــر درجات ســالبة، وقد تجولنا في أرجاء العاصمة التي استُهدفت أحياؤها وشــهدت محاوالت إنزال روســية عدة، ورأينا رتال روسيًّا مدمرا في حي يبعد عن مركز العاصمة ثمانية كيلومترات فقط. بالرغــم من اســتهداف الروس أحياء مدن مختلفــة أثناء الفترة األولى من الحرب فإني أســتطيع القول إنه لم يحدث اســتخدام مفرط للقوة، على األقل كما كان الحال في سوريا، باستثناء ماريوبول التي وصلت منها مشاهد تُذكِّر بما حدث في حلب، كما أننا لم نشــهد قتال شــوارع في المدن الكبرى على نطاق واســع، لكننا شــهدنا بال ريب موجات نزوح كبرى؛ وصلت في األسبوع األول من الحرب إلى عشرة ماليين نازح. كان االعتمــاد في تغطيتنا لمثل هذه الحاالت أوال على ما تقع عليه العين من مشــاهدات أو ما نســمعه من انفجارات، وإن كانت األولى قلَّما نراها، أما

87

Made with FlippingBook Online newsletter