تجارب ال تُنسى إلياس كرَّام
لم يكن أمرا اختياريا أن أكون مراسال حربيا، ولعل ذلك لم يكن طموحي يوما، رغم أنني مغرم بالحياة العســكرية مذ كنت طفال صغيرا، بيد أن ظروف المنطقة المتقلبة بين حرب وحرب ومواجهة وأخرى، خاصة منذ التحاقي بقناة الجزيرة عام ألفين وثالثة، قد تركت آثارها وصقلت شخصيتي ودفعتني، مرغما أو ربما مقبال، إلى خانة المراســل الحربي. صفة ترافقني منذ نحو عقدين من الزمن حيث برزت في تغطيات الحرب على لبنان عام ألفين وستة، وفي متابعة الحــرب األهلية في ســوريا من جهة الجوالن المحتــل، وكذلك في الحروب المتتالية التي شــنتها إســرائيل على قطاع غزة المحاصر، فضال عن مواجهات ال حصر لها في القدس ومدن الضفة الغربية المحتلة.. فقد كنت شــاهدا على ذلك جميعا. لقد أضحى اسمي ووجودي على أي من جبهات القتال رديفا للحرب، أو حتى نذير شؤم لدى بعض من يبحثون عن الدعابة. فعندما أوفدتني قناة الجزيرة إلى أكرانيا لتغطية التوتر الحاصل مع روسيا منذ مطلع شهر ديسمبر/كانون األول تنبه المتابعون على وسائل التواصل االجتماعي لوجودي الغريب 2021 من عام هناك؛ على أرض العجم، وســألوا عن ســبب مغادرتي فلسطين، بل جزموا بأن وجودي هناك يعني أن الحرب واقعة ال محالة، مما شــكَّل بحد ذاته عبئا ثقيال على كاهلي. فالحقيقة أنه ال أحد يرغب في أن يَزج بنفسه في أتون حرب من المؤكد أنها ستكون ضروسا. كنت طيلة الوقت في حالة صراع مع الذات؛ أحاول أن أقنع نفســي وأنا أتنقــل مــن جبهة إلى أخرى، في إقليم دونبــاس وبين مدينة وأخرى في مناطق أخــرى من أوكرانيــا، بأن الحرب لن تقع. أقول لنفســي: كيف تقع حرب في
7
Made with FlippingBook Online newsletter