سُوّي باألرض، خير مثال؛ إذ ليس الروس فقط من بثوا صورا تُظهر وجود آالت عسكرية فيه، بل إن مدونا أوكرانيًّا عبر تطبيق التيك توك، قد التقط صورا لبعض هذه الشــاحنات العسكرية وشاركها على حسابه ليُقصف بعدها المكان ويُسوّى باألرض.. وال أدري هل تعمد تصوير ذلك أم كان األمر بهدف كسب الشهرة، وها هو اآلن يقضي حكما بالسجن سبع سنوات جرَّاء ما فعل. لقــد التزمت الجزيــرة وطواقمها مبدأ الحياد، علــى عكس باقي القنوات العالمية المعروفة والمشــهورة، التي راح بعض مراســليها على الهواء مباشــرة يشرح لألوكرانيين ما هي نقاط ضعف الدبابات الروسية، ومن أين يمكن تحقيق أكبر قدر من الضرر فيها... وكنت أتسأل وأنا أشاهد ذلك الصحفي وهو يشرح ، ماذا لو أقدم صحفي عربي " چي غيفارا " على الهواء مباشرة ذلك متقمصا دور مثال على مثل هذا أيام حرب العراق أو سوريا كيف سيكون مصيره؟ بوصفي مراســ غطى الحرب في سوريا كنت أستطيع القول بوضوح مرة أخرى إن المقاربة الروسية في استخدام القوة المفرطة كما شهدتها بأم عيني في عموم سوريا أو ما شهده العالم في الشيشان أواخر التسعينيات ليست هي ذاتها المستخدمة في أوكرانيا، وقد تكون ماريوبول استثناء من ذلك نوعا ما، لكنها مع ذلك لم تتعرض على األقل من وجهة نظري للصواريخ الفراغية التي كانت تدك أعتى األبنية فتجعلها أثرا بعد عين. وحتى الغرب، بشقيه العسكري واإلعالمي، لم يشــر ولو مرة واحدة إلى اســتخدام مثل هذه الصواريخ في أوكرانيا. أذكر هذا ألنه أرســى في نفســي شيئا من الطمأنينة مبعثها أن األجواء هنا مختلفة عن ســوريا التي كان كل شــيء فيها مباحا، وكل ما كان يتحرك عرضة لالستهداف من قبل الجيش الروسي، مما أعطاني الشجاعة أكثر لالقتراب من مناطق القصف والجبهات بقدر ما كانت تسمح لنا به السلطات األوكرانية. بعد فترة أصاب الحراك العســكري، تحديدا في كييف ومحيطها، نوع من الرتابة، وأصبحت القوات الروســية، خاصة بعد الحادي والعشرين من مارس/ آذار، محاصَرة ال مُحاصِرة، وكانت كييف وضواحيها قد بدأت تتنفس الصعداء، ولم تمض أيام حتى أعلنت القوات الروسية انسحابها من محيط كييف، ثم من ، وكان هذا االنسحاب فرحة لألوكرانيين، لكن " سومي " وأخيرًا من " تشــرنيهف "
89
Made with FlippingBook Online newsletter