153 |
مقدمة اقترنت التعددية الصحفية في اليمن بالتعددية السياسية التي كفلها دستور الجمهورية اليمنية، في أعقاب إعادة الوحدة بين شــطري اليمن، في الثاني والعشرين من مايو/ . وفي هذا السياق، تمتعت اليمن بهامش نسي من حرية امتالك الصحف 1990 أيار وإصدارها وحرية التعير عن الرأي، وســاعد ذلك في تَشــ ُّكُل مجال عمومي ينض بالســجاالت الف رية بين االتجاهات المتاينة. كما ســمح بإثارة النقاش في عدد من قضايا الشأن العام، وفي عدد آخر من القضايا المثيرة للجدل أو المس وت عنها في المجتمــع. وعلــى مدى عقدين من الزمن، كانت الصحافــة اليمنية تعيش مناخًا من الحرية على نحو لم تعهده من قل، وإن اعترتها بعض األحيان ممارســات تسلطية، تعِّبِر عن ضيق أفق السلطة الحاكمة وانزعاجها مما يُنشر. ، كانت الســلطة السياســية الحاكمة تواجه مأزقًا سياســيًا يتعلق 2011 بحلول العام بإصالح النظام االنتخابي ومنظومة الح م، وتراقب بحذر غليان الشــارع العربي في تونس ومصر قل أن تجد نفســها في مواجهة مفتوحة مع احتجاجات شــعية متنامية ). انقسمت وسائل اإلعالم اليمنية 2011 نوفمر/تشرين الثاني 23 ف راير/ش اط- 11 ( إزاء ذلــك بيــن مؤيد لالحتجاجات، ومعارض لها موال للســلطة الحاكمة، وقامت بأدوار تعوية واســتقطابية وتحريضية دفعت بالمشــهد اإلعالمي نحو وضع فوضوي غير منضط. وقادت مآالت تعثر مســار االنتقال السياســي في اليمن إلى إعادة إنتاج الهياكل التسلطية بأش ال أخرى، وتموضع المنظومة اإلعالمية في مركز االستقطاب السياســي، وتحولها إلى أهم األدوات الحاســمة إلحداث الهيمنة والسيطرة الف رية والثقافية في صراع شركاء السلطة في اليمن. أنتجت حالة الصراع والتشرذم السياسي واإلعالمي في اليمن وضعًا معقدًا بالتاينات والتناقضات والثنائيات التصادمية. فقد كان النظام ديمقراطيًا نسبًّيًا وأص ح تسلطيًا، وكان اإلعالم تعدديًا حرًا وبات شــموليًا مقيدًا ومراقًا، وكان له إســهام في إحداث التغيير ، ل نه اليوم يُغذِي عنف الصراع السياسي، وأيضًا صراع األف ار 2011 الســلمي عام بين النخب التقليدية والنخب الجديدة، بين القوى السياسية والقوى المليشاوية، بين الحــرب والسالم، بين الزيف والحقيقة، بين الهويــة الوطنية والهويات الضيقة، بين
Made with FlippingBook Online newsletter